الثلاثاء، 20 سبتمبر 2011

الغصب المشروع الجزء التاسع : سبل الضياع

الإستبدال :
من الممكن إستبدال الكثير من الأشياء فى حياتنا فمثلا يمكننا إستبدال إستعمال ماركة معينة من المنظفات أو مستحضرات التجميل بماركة أخرى أو ماركة معينة من العطر بماركة أخرى ولكن ... هل يمكننا إستبدال البشر ؟؟ هل يمكن إستبدال مشاعرنا ؟؟ هل يمكن أن يظل الحب فى قلوبنا مجرد طاقة نمنحها لمن نشاء ؟؟؟ هل من الممكن أن نتخلى عن شخص ما تماما ونستبدله بآخر ؟؟؟ هل من الممكن على الإنسان حتى يصل إلى سعادته وراحته أن يعيش حياته مستبدلا أشخاص بأشخااص آخرين ؟؟؟ لست أدرى حقا ولا أدرى هل من الممكن أن يفعل البعض هذا إذا إستطعت أنا على سبيل المثال ... ولكن ... من نحن حقا لنقوم بهذا ؟؟؟ هل نلعب دور الآلهة لنتحكم فى مشاعر وقلوب الآخرين ؟؟ هل يحق لنا أن نغير مصير إنسان برىء لا ذنب له سوى أنه كان هنالك دوما من اجلنا ونظر إلينا نظره غيرت عالمنا وربما طال الظن أنفسنا بأننا قد نكون مثله أو نستحق أن نكون برفقته ؟؟؟ سأترك لكم التعليق فى هذا الجزء تحت عنوان سبل الضياع .
خالص التحية ...
شاب فقرى
***

منذ تلك اللحظة التى أغلقت فيها أمانى هاتفها وجلست مع أيمن وعائلتها وهى تدرك أن هنالك شرخا كبيرا فى حياتها قد ظهر وكأن هذا الشرخ قد إمتد فى كل جدران حياتها بداية من قلبها الذى عشقه وتمنى كل لحظات الفرح والسعادة معه وحتى ملابسها وجسدها وأفكارها وعقلها ولحظاتها الحميمية مع أيمن , كانت تشعر بأنه لابد من شىء ما يستطيع أن يملأ هذا الشرخ الذى ظهر فى حياتها لحظة قالت أنها راحلة لكمال أو فكرت فى أن تطرده تماما خارج حياتها , كانت تدرك أنه لابد من دواء يعالج كل هذا المرض الذى تشعر به من أعماقها , فلا يمكن أن يكون الله قد خلقنا من أجل أن نعيش المعاناة بكل الأشكال والألوان الممكنة حتى فى لحظات سعادتنا , لم تطل أمانى التفكير كثير فقد كان رحيل أيمن إلى مكان عمله فى اليوم التالى لتلك الجلسة العائلية الجميلة التى أخذت فيها تلقى إليه بنظرات المودة كنوع من الإعتذار أو محاولة التأقلم معه كزوجها أو ربما كمحاولة منها أن تكون ماكرة فيما تفعله وفيما تشعر به نحوه من كل درجات الإزدراء لربما تريد أن تخفى كل هذا , لقد سافر أيمن فى اليوم التالى وبدأ الفراغ يعصف بعالمها وحاولت بشتى الطرق أن تقتل هذا الفراغ وأن تتناسى بأن هنالك صدعا فى حياتها , حاولت بكل ما يمكن من قوة أن تغلق هذا الصدع , بدات محاولاتها بدعوة كل زملاء الدراسة إلى بيتها ,إتصلت بهن جميعا ولم تنسى أن تتصل بأميرة كاتمة أسرارها التى تراها دوما الأمينة والحافظة لكل ما تحوى نفس أمانى من شوائب وأخطاء , دعتهن جميعا وكانت ليلة لطيفة وحتى العشاء الذى لم تعده كان لطيفا والجلسة إمتدت إلى الكثير من الأحاديث عن علاقتها الزوجية وعن سحر زوجها الذى ظهر به ليلة الزفاف وتكاثرت الضحكات فى المكان وبدأت أمانى تصف لهن العديد من الأشياء التى يفترض انها جربتها وعاشتها مع زوجها ولكنها لم تستطع أن تحكى لهن عن زوجها , لم تكن تريد أن تشعر بكل هذا الخزى أمامهن ولذلك جلست تحكى لهن عن وجها ولكن بمواقف أخرى كانت لها مع كمال , بدات تحكى لهن عن لمساته وضحكاته وكيف كان يعاملها وتدعى ان بطل كل هذه الاحداث هوا الزوج الذى لم يستطع أن يقضى معها أكثر من شهرين كخطبة , إستطاعت بحديثها عن كمال أمامهن ان تخطف أنفاسهن جميعا , منذ اللحظة التى بدأت تصف فيها كمال لهن وتصف كيف كانت قبلاته وأحاديثه الرائعة وبدأت صديقاتها بالإرتباك وبعضهن فضل ان يترك الجلسة ليشوش على نفسه بأى شىء كى لا يشعرن بأنهن قليلات البخت والحظ فى هذى الحياة فمنهن من لم تتزوج بعد ومنهن من لم تحظى بزوج مثل زوجها الخيالى الذى تحكى عنه ولا حتى قصة حب , بدأت أمانى بعد الكثير من الأحاديث الملفقة والكاذبة فى الجلسة الأولى تمل شيئا فشيئا وتستشعر ذلك الفراغ بداخلها يزداد إتساعا ويزداد عمقا وكانها مقسومة نصفين حيارى ما بين كمال وما بين الإعتياد على تلك العيشة السخيفة التى تركته لأجلها , بدأت تفكر كيف تملأ مثل هذا الفراغ بعد أن ذهبن وتركنها وحدها فى شققة الأحلام , حاولت النوم ولكنها لم تستطع وحتى هاتفها لم تتركه من يدها لحظة على أمل أن يتصل بها كمال ولكنها كانت تعلم جيدا بأنه لا يمكن له أن يتصل وتذكرت جملته التى إعتاد أن يقولها لها دوما ( لو بموت فيكى ... مش هيحصل ) , وبرغم ذلك لم تترك اليأس يتسرب إلى نفسها وظلت ممسكة بهاتفها على أمل أن يهاتفها كمال فى لحظة ضعف , على أمل أن يرق لها قلبه ويعود إليها فقط ليطمئن على صحتها بعد كل ما جرى , حاولت أن تشغل نفسها بنظافة شقتها وبدأت فى التنظيف بالرغم من أن الساعة قد تخطت الثانية بعد منتصف الليل , بدأت تحادث نفسها وتسأل نفسها لمَ قد تركت حبيب الأحلام ؟؟؟ ولمَ دعته ينساب من بين يديها كالماء ؟؟؟ هل هنالك سبب حقا ؟؟؟ هل كمال حقا يجعل منها شخصا سيئا ؟؟؟ ولكن إذا كان كمال يجعل منها شخصا سيئا ... فما هى حقيقتها بما فعلته ؟؟؟ وأيضا أين هى فىى الوقت الذى يحاول جعلها فيه فتاة لا قيمة لها ؟؟
مرت ساعة وتعدت الساعة الثالثة صباحا , إنها تعلم أنه يعشق ذلك الوقت ويظل يوميا مستيقظا لذلك الوقت أو ربما يقوم بضبط أكثر من منبه ليقوم فى مثل تلك الساعة التى يراها سحرية فى الليل , ( منتهى الهدوء والنقاء ... تحسى كدا إن إحساسك حقيقى ) تذكرت وصفه أيضا لتلك الساعات التى تسبق الفجر وجملته الدائمة التى ظل يرددها لها كلما حدثت مشكلة أو مرت بهم دقيقة حزن أو لحظة ضياع وخافا فيها من الدنيا كلها كان يقول لها ( متقلقيش ..أكتر الساعات ضلمة فى الليل كله ... هى اللى قبل الفجر ), لم تستطع ان تهاجم شوقها له أكثر من ذلك , أخرجت دفتر ملاحظاتها الذى تكتب فيه كل ما تشعر به بين الحين والآخر وبدأت تكتب ملاحظاتها
(( أنا بحبك يا كمال ... بس إنته خليتنى مش شايفة نفسى وخليتنى وحشة أوى ونسيت نفسى ))
شطبت النصف الآخر من الجملة لآنها أحسن أنه ليس صحيحا , وكيف يكون صحيحا إذا كان هوا من لقنها كل شىء فى هذى الحياة ومن علمها معنى كلمة الحب ؟؟؟ وعلمها كيف تعشق وهوا أول رجل فى حياتها وهوا أول من لمست يداه جسدها ؟؟ شطبت أكثر على النصف الثانى من الجملةوحاولت أن تكتب شيئا ولكنها لم تجد حقا ما تكتبه , يكفى لها ان تعترف له بأنها تعشقه عشقا ولو حتى فى دفتر ملاحظاتها , بدأت فى إكمال الجملة وحاولت أن تجد عيبا لتضعه بعد كلمة ( بس ) لكنها حقا لم تستطع أن تجد أى عيب فى كمال أو فيما فعله فيها وهدأت لتفكر قليلا ثم كتبت
(( بجد وحشتنى وبموت فيك بقى ))
ثم أغلقت دفتر ملاحظاتها وجلست تفكر فى كل ما مرت به منذ اللحظة الأولى لعلاقتها مع كمال ثم أمسكت هاتفها وهمت بالإتصال به ولكنها أخذت تشغل نفسها بالنظر فى قائمة المتصلين وتقلب فيهم وتقلب فى ذكرياتها حتى فجأة لمعت تلك الفكرة فى رأسها حين مرت على إسم ما , وقفت أمام الإسم كثيرا تفكر فى الشخص الذى يمكن أن تتصل به فى مثل تلك الحالة وفكرت فى أنها قد تستفيد منه فى أن تغلق هذا الشرخ فى حياتها , وربما يمنحها أحساسا كاذبا بالطهر والنقاء والحب , أخذت تفكر فى هذا الشخص وكيف دخل إلى حياتها وبدأت تحدث نفسها وأمسكت تلك المفكرة الصغيرة التى كانت تكتب فيها منذ لحظات وأمسكت قلمها وبدأت تكتب
(( محمود
من معارف أميرة
شخصية محترمة
من سنى
بيدرس فى كلية الطب
كل حاجة فيه مختلفة
مقاليش فى مرة أى حاجة تخوفنى منه
))
أخذت تعد لنفسها كل المزايا التى يمكن أن تجدها فى هذا الشخص وكيف يمكن أن يكون هذا منقذها الجديد ومن يستطع أن يأخذ مكان كمال بكل سهولة لأنه أولا يفوق كمال فى كل المميزات وأيضا فكرت فى منحه الثقة لتحكى له كل شىء تمر به فى حياتها ثم قالت لنفسها أن الثقة تكتسب ولا تمنح كما كان يقول لها دوما كمال ولكنها ستتغاضى عن هذا الآن لأنها لن تفكر فى آراء كمال فى الحياة ولن تفكر فى أى شىء يخصه كخطوة من خطوات نسيانه الذى قررته منذ أربع وعشرون ساعة , ضغطت على الرقم لتتصل بمحمود كما فكرت وبدأ الهاتف يرن وهى تضعه على أذنها فى هدوء ثم فجأة جالت فى فكرها خاطرة ما , ماذا لو حاول كمال أن يتصل بها ليعود إليها من جديد ووجدها تحادث شخصا ما , ألن يشك فيها ويشعر بالغيرة والقلق وربما يمنحها المزيد والمزيد من الإهانات , ولكنها تناست كل هذا لأنها تدرك جيدا أن كمال لن يحاول حتى الإتصال بها أو العودة إليها حتى وإن فكر فى العودة فسيكون فى الوقت الضائع لأن محمودد سيكون قد أغلق هذا الجرح المفتوح فى قلبها وأصلح هذا الصدع فى جدار قلبها , مرت عليها كل تلك الأفكار فى لحظات لم يلبث فيها الطرف الآخر أن أجاب الهاتف
محمود : آلو
أمانى : آلو
محمود : إزيك عاملة إيه يا أمااانيه ؟
أمانى ( تذكرت للحظات بأن محمود له طريقة فى كل شىء حتى فى نطق أسمها أو حتى فى التصريح بأفكاره لها فردت وعلى وجهها إبتسامة مفتعله ) : إزيك يا محمود إنته عامل إيه ؟؟
محمود : انا كويس ... عايش زى ما بيقولوا فى الحياة
أمانى : ووإيه أخبارك فى الكلية وأخبار حياتك كلها
محمود : الحمد لله ماشية ... لا جديد تحت الشمس ... ولكنى أكيد هصنع الجديد النهارده
أمانى : إزاى بقى
محمود : مش بكلمك أهوه .... يبقى أكيد هصنع حاجة جديدة وحلوة فى حياتى
أمانى ( قالت فى مرح ) : ماشى
محمود : عارفة إنى كنت متواقع إتصالك دا بعد ما أميرة قالت لى إنك سألتى عليا وبطلتى إنتى تكلمينى عالنت حتى
أمانى : كنت متوقعه إزاى بقى
محمود : كنت متوقع أسمع صوتك من تانى ومش عارف ليه ... تقدرى تقولى إحساس
أمانى : ....
حقا لا تصدق ما تفعل فى هذه اللحظة , هل من الممكن أن تستبدل شخصا ليحل بشخص آخر فى قلبها لتعتاد العيشة وتعتاد تلك الحياة الأليمة وتثبت لكمال أنها تستطيع الحياة من غيره وتثبت له أنها بكل تلك القوة التى لا يمكن له أن يتخيلها بها ذات يوم , لا تصدق ما تفعله ... هل حقا فى لحظة ما من اللحظات المستقبلية تلك بينها وبين محمود ستقول له تلك الكلمة التى لم تشعر بها فى حياتها أو لم تحسها إلا تجاه كمال ؟؟؟ هل ستقول له ( بحبك ) ؟؟؟ هل تستطع أن تعطى كل هذا الحب الذى بداخلها لشخص آخر غير كمال ؟؟؟ قطع أفكارها صوت محمود على الطرف الآخر من الهاتف
محمود : أمانى ...أمانى ... الشبكة عندك فيها حاجة ولا إيه ؟؟؟
أمانى : لاء مفيش بس أصل محمد أخويا كان عايز حاجة
محمود : ماشى يا أمانى ...
حقا هوا لا يستحق فتاة مثلها , فتاة كما قال عليها كمال منذ يومان بأنها عاهرة لا أمان لها , فتاة وصفها بأقذر وصف يمكن ان يقال على فتاة فى حياتها ( رخيصة ) حتى فى كلمات الوجع يدرك كمال جيدا كيف ينتقى كلماته وكيف يجعلها تشعر وكأنها تستحق الموت حرقا وكان النيران قد تخلصها مما تشعر به
أمانى : بقولك إيه ؟
محمود : ايوا يا أمانيه ؟؟؟
أمانى : أنا هنزل بكره إحتفال كدا فى الجامعة مع أميرة ... ما تيجى ؟؟
محمود : ما أنا متفق مع أميرة أصلا إنى أروح
أمانى : ماشى ... هشوفك هناك بقى .. سلام دلوقتى هلحق أصلى الفجر قبل ما بابا يصحينى
محمود : ماشى يا امانيه ... سلام وتقبل الله
لم تغلق أمانى الهاتف لأنها ستقوم لصلاة الفجر ولم تغلق لأنها حقا والدها فى الغرفة المجاورة لأنها تدرك أن كل هذا كذب فى كذب ولكنها أغلقت لأنها فقط شعرت بأنها نالت ما تريد , غدا سيدخل حياتها شخص آخر لا يعلم بشان عشقها بكمال , لم يهمها علمه بأنها متزوجة أم لا ولكن اكثر ما كان يهمها هوا عشقها لكمال وحبها المطلق له , ستغلق لأنها غدا ستجد من ينتشلها من كل ما هى فيه , من كل تلك القذارة التى تشعر بها تملاها من جميع النواحى منذ قال لها كمال تلك الكلمة , مازال الوجع يتردد فى أنحاء قلبها وعقلها وكأنه الصدى لتلك الكلمة ولا يكف أبدا عن جرحها فى كل لحظة ليزيد همومها وجراحها هموما على هموم , لم تمر ساعة اخرى غلا وكانت أمانى قد غرقت فى النوم وفى أحلامها لتصحو فى اليوم الثانى باكرا كما أحبت وبدأت تجهز نفسها لمثل هذا اللقاء الجميل الذى سيغير لها كل ما تشعر به , قامت وأخرجت ملابسها لتستحم وربما أعاد لها هذا ما كانت تفعله فى كل مرة قبل أن تخرج لمقابلة كمال ولكنها لن تهتم بكل هذا الآن فكمال غير موجود وليس معنى بانها عشقته يوما بأنها قد تضرب عن الإستحمام قبل الخروج من اجله بدأت تضع الزينة لنفسها وتزين نفسها وكأنها عروس ذاهبة إلى بيت عرسها وشعرت للحظات كثيرة وكأن كمال ما كان ليرضى عن كل تلك الزينة ذات يوم ولكنه أحبه , أمسكت بأحمر الشفاه وبدأت تلامسه شفتيها لتتذكر حتى ما كانت تفعله فى تلك الأيام التى تخرج فيها للقاء كمال ... إنتهت من زينتها أمام المرآة وأخذت حقيبتها وهاتفها وخرجت من الشقة لتقابل أميرة أمام الحرم الجامعة قبل أن تدخل معها إلى اللقاء الموعود , لم تهتم أميرة بسر حضورها ولم تهتم حتى بأن تقول لها بأن محمود سيحضر مثل هذا الإحتفال, دخلا معا فى هدوء وبدأت مراسم التكريم للطلبة وهى جالسة تحاول أن تبحث على محمود بعينيها بينما أميرة على يسارها تجلس على الكرسى وتستمر فى الحديث بلا توقف عما يمكن أن يحدث وما حدث وأشياء لا تهتم بها على الإطلاق وبعد لحظات حاولت أن تشغل نفسها بالمنصة والمراسم ولكن بلا جدوى حتى فجأة شعرت بمن يناديها بجوارها قبل إنتها المراسم بدقائق
محمود : أمانى ...أمانى
أمانى : اهلا ..إزيك يا دكتور ... جيت متأخر يعنى
محمود : والله غصب عنى ... السفر وكمان زمايلى كان فى شوية مشاكل وحاجات كدا
أمانى : ولا يهمك
محمود : يلا نطلع نقف برا ...أنا مبحبش المراسم دى ولا بحب حفلات التكريم
أمانى : أوك
خرجا معا جنبا إلى جنب من القاعة وتركا أميرة جالسة فى مكانها تتابع المراسم فى هدوء وبدأ بينهم حديث بسيط قبل أن يطلب منها أن يجلسا معا فى تلك الكافتيريا الهادئة ليدور بينهم الحديث التالى
أمانى : قولى بقى عامل إيه ... لحقت تنام بعد ما صحيتك إمبارح
محمود : أنا متعود على السهر والتطبيق كدا عشان المذاكرة والكلية ... مش دايما كل مذاكرتى بتخلص بدرى ولا دايما كل صحابى بيتصلوا قبل ما انام ... كتير بيتصلوا متأخر ولازم أكون جنبهم
امانى : مش عارفة ليه لما بشوفك بحس بحاجات كتير يمكن مش لاقياها حواليه
محمود : حاجات ؟
أمانى : يعنى بحس إنك راضى عن الدنيا كدا وإن عينيك شايفة الدنيا بشكل تانى مختلف ... شكل هادى وطاهر وبرىء كدا ... مش زى ما هى فى الحقيقة
محمود : دا عشان إنتى بس عيونك حلوة بتشوفينى بالشكل دا
أمانى ( فى دلال ومرح ) : لاء بجد
محمود : مفيش والله ...أنا بس بدى كل حاجة حقها فى الحياة دى وبحب أشوف الجانب الحلو فى الناس
أمانى : ماشى يا محمود
محمود : ماشى يا أمانيه ... تشربى إيه بقى
أمانى : انا هاخد آيس كريم
محمود : ماشى ..أنا هطلب كابتشيو
بدأت الذكريات تحيط بها من كل جانب وتتذكر لقاءاتها بكمال وكيف كان دوما يدقق فى كل شىء ويخطف أنفاسها إلى عالم آخر لم تدرك بأنه موجود وأخذت تفكر وتفكر فى إحدى لقاءاتهم
أمانى : قولى إنته إزاى بتقدر تعرف كل الحاجات دى والأحاسيس والمشاعر دى كلها ؟
كمال : بصى يا حبيبتى ... كل حاجة حواليكى بتصنع الموقف اللى إحنا فيه دلوقتى ... يعنى لو جيتى فى يوم تفتكرى اليوم دا وقعدتنا سوا .. هتفتكرى المكان والكابينة والجنينة والورق اللى عالأرض وكمان النمل اللى ماشى هناك دا والقطط اللى كل شوية تفوت وتخضك وكمان هتفتكرى كنت لابس إيه والبرفان اللى بتحبيه وهتفتكرى كل حاجة ... اللى انا بعمله ببقى إنى بربط كل دا وبخلق إحساس حقيقى حتى لو مش عشت الموقف
أمانى : بس إزاى حتى لو مش عشت الموقف ؟
كمال : أقولك ... إحنا دلوقتى هنا قاعدين وضهرنا للشمس تحت الكابينة دى
أمانى : أيون
كمال : تعرفى الشمس منظرها عامل إزاى ؟؟؟
امانى : لاء
كمال : أقولك أنا ... الشمس دلوقتى بتعافر وسط السحاب والدنيا خلاص قربت تضلم وفى سحر غريب بيحيط بالشمس وبيلف السما كلها وبيتسرب منه جزء لروحنا مع شوية الهوا اللى بيطيروا فى الهوا دول ...أقولك ... تعالى أوريكى
سحبها كمال من يدها وقاما ليقف خلفها ويضع يديه على كتفيها وينظر معها للشمس قائلا
كمال : قولى لى بقى حاسة بإيه ... مش هوا اللى أنا قلته ... بصى عالشمس والسما وحسى الهوا اللى حوالينا ددا ... حسى بيا وأنا واقف جنبك كدا .. مش الوقفة دى ممكن تستاهل الواحد يدفع فيها العمر كله ؟؟؟
أمانى ( فى عشق ودلال ) : إنته مجنون
كمال : مجنون بس بحبك ...
أمانى : وأنا كمان بحبك
أفاقت أمانى من ذكرياتها على صوت محمود يحاول أن يوقظها مما هى فيه
محمود : أمانى ..أمانيه
أمانى : أيون يا محمود
محمود : فينك كدا ... من ساعة ما جبنا الآيس كريم وإنتى بتلعبى بالمعلقة كدا ومش هنا خالص
أمانى : مش عارفة يا محمود ... عايزة أبقى أحسن ... عايزة أحس إنى أحسن ... عايزة أرجع زى زمان
محمود : تعرفى إنك دلوقتى فيكى كل السحر اللى فى الدنيا دى ... أنا حاسس إنك حلوة أوى دلوقتى ..
أمانى : بجد
محمود : بجد ... وبعدين مين قال وحشة ؟؟؟ إنتى اللى بإيدك تختارى تبقى وحشة ولا تبقى حلوة ولا تبقى إيه بالظبط ...إختيارك إنك تغيرى أو تبدلى اللى بيحصل وتحبى اللى حواليكى وتعيشى حياتك صح زى ما بتتمنى ...
أمانى ( تترقرق الدموع فى عينيها ) : عندك حق
محمود : إنتى مرتبطة يا أمانى ؟
أمانى ( فى دهشة ) : ليه ؟
محمود : يعنى بفكر إنى أعتمد على حد شايفه حلو أوى فى حياتى ومش فى منتهى الغرور زى ما كل الناس عايشة وميعرفش هوا حلو أوى قد إيه
أمانى ( تحاول أن تعيش دور الفتاة الذى قاربت على نسيانه ) : أنته أطهر وتستاهل أحسن ... تستاهل أحسن بجد
محمود : يعنى مرتبطة ولا لاء؟؟؟
أمانى : كنت
محمود : جميل ... يلا كلى الآيس كريم بقى قبل ما يسيح
أمانى : ماشى يا محمود ..
بدات أمانى تحرك الملعقة فى كوب الآيس كريم وتفكر هل حقا تستطيع أن تخرج كمال من حياتها بعلاقتها بهذا الشخص ... وإلى متى سيظل هذا الشخص واقفا إلى جوارها وماذا لو علم بشأن كمال ؟؟؟ لم تقلق البتة بشأن زواجها لأنه لا يمت للموضوع بصلة من رأيها فعلاقتها بكمال هى أهم العلاقات التى دخلتها فى حياتها .. ربما لو جلست ليلا تحكو له على ما تشعر به , ربما تصبح أحسن حالا ... ربما ... من يعلم حقا .

ختام الجزء التاسع
أشوفكم فى الجزء العاشر بقى ...
وأوعدكم بأحداث هتحرك القصة أكتر ...
خالص تحياتى للى طلبت منى الجزء الجديد ...
وطلبها خلانى أكتب الجزء دا واللى قبله ...
وخالص التحية برده لبنت الحلال اللى عارفة نفسها ...
منورة حياتى ...
شاب فقرى