الأحد، 25 سبتمبر 2011

النصيب الجزء الأول الفتاة العادية


مقدمة الحكاية :
بعض القصص قد تكون خيالية ولا تحمل الكثير من الواقع والحقيقة ولا تفيد ولكنها تجرح فقط دون أن تضيف إلينا أى شىء , اليوم قصتنا كل ما يكتب فى السطور قد حدث من قبل , وتمت كتابة القصة بعد موافقة أصحاب الشأن فيها , أتمنى لهم السعادة أينما كانوا حتى لو لم ألتقى بهم من قبل وحتى إن لم أعرف الحقيقة يوما , ولكنى أعلم شيئا واحدا : أن كل ما فى هذى الحياة من خيبات نلقاها يندرج تحت كلمة واحدة نبرر بها لأنفسنا كل شىء ( النصيب ) .
شاب فقرى
***

ليست حكاية ككل الحكايات فلم تكن البطلة بيضاء بياض الثلج ولا حمراء الخدود ولا حتى ذات شعر ذهبى يحكى للبحر سر الهوى , كانت فتاة عادية وأقل من عادية , كتلك الفتيات التى يمكن أن تقابلهم فى الترام أى فى الطريق ولا تنتبه حتى أنها مرت من أمامك , فتاة من أسرة متوسطة الحال وهى الأصغر بين أخواتها فى العائلة , لم تكن رائعة فى الهندام ولا تمتلك ذلك الذوق الرائع الذى يسحر لبك ويشعرك بأن تلك الفتاة فى الأصل أميرة أغريقية لم حتى تطالها حكايات قبل النوم , مهمشة وضائعة ولا أحد يعلم بوجودها ,فتاة مراهقة ترتدى ملابس الرجال لا يمكن أن تميزها عيناك , كل شىء يبدو فى حياتها غير منضبطاً فلا تلاحظ ذلك الإهتمام المفرط من الأهل ولا الأصدقاء المتعددون والشخصية الجذابة التى تصنع الصداقات بسهولة بل شخصية منزوية منطوية كالطفل الوحيد فى الركن الأخير من قاعة الدراسة , يمكنك القول ببساطة أنها على الهامش .
كان يوماً تقليديا فى حياتها على الرغم من أنه عيد ميلادها , الأصدقاء مازالوا فى تجاهلهم والأهل لم يشعروا حتى بأن هنالك يوما فى حياتها تستحق أن تفرح فيه ولا حتى عيد مولدها حتى الأحوال الجوية سيئة للغاية يوم عاصف وملىء بالأتربة , نزلت درجات سلم منزلها لتقع وتشعر بألم رهيب فى قدمها وبالرغم من ذلك تماسكت وتحاملت على نفسها وسارت لتعرج فى الطريق, خرجت من المنزل لتسير على غير هدى ولا يسيطر عليها إلا شعور واحد : الضياع وبأن هذا العالم يكرهها وحتى البحر لا يمكن أن يواسيها هى , فلم يخلق أصلا لأجلها وليس لها حتى أقل الحق فى أن تنظر إليه وتلقى فيه بهمومها كما يفعل كل الناس , ربما لا يستحق البحر كل تلك القصائد التى تكتبها له ولن حتى تجد فى يوم من الأيام من يمكن أن يمسك يدها ويتطلع إلى البحر وينظر فى عينيها ليقول لها بأنها أميرة أحلامه وأنها الفتاة التى طالما إنتظرها , لم يكن هنالك أى شىء فى حياتها يستحق أن تحيا لأجله , أخذت فى التفكير منذ اللحظة التى خرجت فيها من منزلها فى أسهل الطرق لتفارق بها الحياة وأخفها ألما وأخذت تقارن بين الكثير والكثير من الطرق ولكنها لم تجد طريقة سهلة تنهى الحياة بلا ألم , فلا يمكن حتى لحظة موتها أن تشعر بالألم فليكفى الحياة ما قاسته فيها من مشقات وآلام ولتنتهى بشكل لا يؤلمها ولا يزيد من تعبها , فلتكن لحظة سريعة بلا مقدمات درامية ولا نظرات العابرين على الطريق الفضولية ولا أيادى الناس تحاول إيقاظها من الموت , تريد أن تنتهى الحياة بشكل جميل ككيلوباترا مثلا لم تشعر بالسم يجرى فى عروقها ولم تشعر بلدغة الثعبان أو حتى كالغرقى فى البحر ولكن الغرقى يتألمون حتى ينالوا الموت وهى تريد موتا هنيئا لا يحمل الألم لها .
أوقفت إحدى السيارات لتوصلها إلى بيت المدرس الخاص بها , غلبها التفكير فى السيارة ولم تدرى أى طريقة أسهل للموت , كانت بجوار الباب والسيارة تمر بين البيوت بسرعة جنونية , واتتها الفكرة بالقفز من السيارة ودمعت عينيها قليلا لتضع الكتب التى تحملها على الكرسى المجاور لها وتمسك فى الباب لتستعد لتقفز وفجأة لمحته ....
لا تدرى من أين جاء ولكنه إندفع فجأة ليحول بينها وبين الباب وعلى شفتيه إبتسامة حتى هوا لم يعلم بأنه يبتسمها , فجأة توقف الزمن لتشعر بأن كل شىء فى الدنيا قد توقف معه , كل آلامها وكل حروق القلب ومعاملة الأهل المزرية ومعاملة الأصدقاء المتكبرة , فجأة تحول الكون كله إلى تفاهات لا أكثر ولا أقل , تفاهات تختفى بجوار تلك الإبتسامة .... فجأة شعرت بأنها لها فى الحياة ما هوا أثمن من أن تخسرها , وجدت شيئا ذا قيمة فى تلك الإبتسامة وفى ذلك الإندفاع وفى ذلك الشخص الذى حال بينها وبين الباب وياترى هل لاحظ وجودها فى الحياة هل وقف فى طريقها حقا ليمنعها من الإنتحار ؟؟؟ هل شعر بما تمر به وبكل الحزن الذى تحياه ليمنحها مثل تلك الإبتسامة التى حولت الكون والعالم كله إلى مكان رائع يستحق أن نحيا كل لحظة فيه ؟؟؟
إلى اللقاء فى الجزء الثانى
شاب فقرى
خالص التحية والتقدير والإحترام لصاحبة القصة ... وصاحبة الإحساس والملهمة ... وأنا وإنته :D