الأحد، 15 نوفمبر 2009

مستشار إبليس


أن تتمنى لو كنت قتلت نفسك ألف ألف مرة وشنقت روحك ملايين المرات
أو تلقى بها فى سعير جهنم لعلك ترتاح
أو تتمنى لو أن شخصك قد مات قبل ذلك اليوم
تلك هى حقا أمنية ضائعة ...
وتلك هى سطورها
.....


أصبحت فجأة مستشارا له
أقوم بما يقوم وأسعى معه فى مصائبه
أفنيت بلادا وبلاد
شاركت فى ذبح المئات
تمتعت برؤية ظلم الحكام
لم أترك إنسانا حيا إلا و أوحيت له بفكره
حركت له رغباته
حركت أطماعه
دفنت الخير فيه فى آبار النسيان
ومحوت الأحلام وكأنها دخانا هبت عليه الرياح
ولم أترك الإنسان إلا وأنا
دفعا له نحم المستحيل
جاعلا من كل أمانيه أمنية واحدة : يدفع عمرا فوق عمره ليحصل على ما ليس له
كيف صرت هكذا ... حسنا سأحكى لك ما حدث أو كما أتذكره...

جلست وحيدا أفكر فى صمت
ترى ما الذى جعل هذا المساء كئيبا على غير العادة
ما الذى منع ملائكة الأحلام أن تزورنى ككل ليلة
ما الذى جعل السماء ملبدة بالغيوم
ما الذى جعلها تقسو على حتى من نور القمر
ومن دفئه
لعلها تستكثر على حتى من أن أبحث عن لقمة فى ذلك الليل القارص البروده
لم يجد شيئا
حتى أننى لا أرى الطريق لألتمس فيه البحث عن لقمة فى مثل هذى العتمة
ولكن فجأة
ومن بعيد
لاح ظل شبح كئيب
بدأ سيره فى الطريق
لم يدرى من أين جاء النور ليرسم ذلك الظل على الأرض
وعند مرور الشبح فى أول الطريق
شعرت بأنه إختفى لثوان وعاد لمكانه ليكمل سيره فى الطريق فى هدوء
ثم سمع صوت صراخا فى أحد المنازل
صرخة إنسان وكأن هناك من يذبحه فى تلك اللحظة
إستمر الشبح فى المشى فى الطريق حتى إقترب منى
ظهرت ملامح الشبح تدريجيا عندما إقترب منى
كان كأقبح ما يمكن أن يكون إنسان
وجه شديد القبح ملىء بالندوب
وبدأ الحديث بيننا
أنا :أرجوك أعطنى لقمة أيها الشبح الغريب
إبتسم الشبح فى هدوء إبتسامة لاتنم إلا على من يلقى بالطعم لطير شارد
وكأنه سيمتلكه بتلك اللقمة وأخرج رغيفا من جيبه
أجاب الشبح فى هدوء : ولكنى لى طلبات يا بنى
تعلقت نظراتى بالرغيف صارخا :
ما طلباتك يا سيدى ... ءأمر تطاع ..
الشبح : إن الله لم يرزقنى بأبناء وليس لى من يشعرنى بالمودة والقرب
ليس لى من أشكو له وأستشيره
أنا : أتريدنى أن أكون ولدا لك
الشبح : نعم
تملكتنى السعادة لأن هناك من سيلتقطنى من الشوراع من نيران اليتم
وقلت فى لهفة : حقا .... أنت سيد كريم جدا ولكن ماذا ستعطينى غير هذا الرغيف
الشبح : الكون كله لو أردت
أنا : وهل تملك أنت الكون كله ؟؟
الشبح: أستطيع أن أسخر لك من يخدمونك ومن يأتون لك بطلباتك ومن يجيبونك وقت الحاجة
قلت فى إستغراب :
إذا كان لديك كل هؤلاء ففيما تحتاجنى وكيف تملك كل هذا ... هل أنت سيد لقطاع الطريق
الشبح : لاء ... أنا من يحرك قطاع الطريق وأنا من يلهم البشر ويحرك عقولهم
أنا أبتسم فى هدوء وأقول : إذن فأنت ملاك الوحى ولكن وجهك لا يحمل أى شىء من معالم الملائكة
الشبح : لا دخل لك فى وجهى
أنا : إذن أخبرنى من تكون
الشبح فى هدوء يبستم وتتسع إبتسامته قليلا قائلا :
أنا الشيطان يا ولدى :)
أنا : كيف هذا يا سيدى ؟؟ الشيطان نفسه ؟؟؟
الشبح : أترى هذا المنزل هنالك ...إنتظرنى دقائق وسأعود من أجلك
بالرغم من عدم فهمى لكلمة من أجلك إلا أننى رددت فى هدوء وغير مصدق ما يقول : حسنا

غاب الشبح لثوانى معدودة لم يمشى كما جاء
بل طار فى صمت وأنا أشهق من المفاجأة
لقد إخترق الجدار دون أن يكسره
وعاد بعد ثوان
الشبح : إنظر لترى
أنا : ماذا سيحدث الآن ؟
الشبح : إصبر وسترى
أنا : طيب
وفى لحظات رأيت رب المنزل يخرج برأسه من الشباك ويمسك برأس زوجته صارخا فيها
ويقطعها فى هدوء ويلقيها خارج المنزل ويترك الجسد بالداخل
ثم يغلق النافذة
الشبح يبتسم فى هدوء ويقول : أرأيت ؟
أنا : ءأنت من فعل هذا به ومن غير نفسه فى لحظات
الشبح : نعم هوا أنا
أنا أحاول أن أصرح وأنادى أى من أفراد الشرطة ربما جيران ذلك الشارع الضيق
ولكن أشعر وكأن صوتى يتوه فى الفراغ
وينظر لى الشبح وهو يبتسم قائلا :
يا ولدى أنت ملكى فأنا أراقبك من سنوات لا تصرخ فلن يفيدك الصراخ
ولا تبكى فلم يحن بعد وقت البكاء
وإقترب منى ولمس إصبعه جبهتى وشعرت كأن صيب من نار يخترق جسدى ورأيت روحى تفارقنى
والشيطان يتبع روحى الطائرة فى الهواء بنظره
رأيت روحى وهى تفارق جسدى ورأيت نفسى أموت وأنا أنظر له فى رعب
وعاد ليبتسم تلك الإبتسامة قائلا:
أخيرا صار لى مستشار
أنت الآن يا ولدى مستشارى العزيز
وهكذا صرت :
مستشار إبليس

تمت,,,
أحلام ضائعة
شاب فقرى