الأحد، 19 سبتمبر 2010

اغتيال السماء - نزار قبانى




ألا تجلسين قليلاً
ألا تجلسين؟

فإن القضية أكبر منكِ . . وأكبر مني
كما تعلمين ..
وما كان بيني وبينك ..
لم يكن نقشاً على وجه ماء
ولكنه كان شيئا كبيرا كبيرا
كهذي السماء
فكيف بلحظة ضعف
تريد اغتيال السماء؟


ألا تجلسين لخمس دقائق أخرى ؟
ففي القلب شيء كثير
وحزن كثير
وليس من السهل قتل العواطف في لحظات
وإلقاء حبك في سلة المهملات
فإن تراثنا من الحب .. والشعر . . والحزن ..
والخبز . . والملح . . والتبغ . . والذكريات
يحاصرنا من جميع الجهات
فليتكِ تفكرين قليلا بما تفعلين
فإن القضية
أكبر منكِ . . وأكبر مني
كما تعلمين

أنا لا أحوال رد القضاء
ولكنني أشعر الآن أن التشنج ليس علاجا
لما نحن فيه
وأن الحماقة ليست طريق اليقين
وأن الشؤون الصغيرة بيني وبينك
ليست تموت بتلك السهوله
وأن المشاعر لا تتبدل مثل الثياب الجميله


أنا لا أحوال تغيير رأيك
إن القرار قرارك طبعا
ولكنني أشعر الآن أن جذوركِ تمتد في القلب
ذات الشمال ، وذات اليمين
فكيف نفك حصار العصافير،
والبحر .. والصيف .. والياسمين
وكيف نقص بثانيتين؟
شريطا غزلناه في عشرات السنين


أنا لست ضد رحيلك . .
لكن أكره أن السماء ملبدة بالغيوم
وأخشى عليك سقوط المطر
فماذا يضيرك لو تجلسين ؟
لحين انقطاع المطر
وماذا يضيرك ؟
لو تضعين قليلا من الكحل فوق جفونكِ
أنت بكيت كثيرا
ومازال وجهك رغم اختلاط دموعك بالكحل
مثل القمر


فليتك سيدتي تجلسين
فإن القضية أكبر منك . .وأكبر مني
كما تعلمين ..

نـــزار قبــاني