الاثنين، 13 سبتمبر 2010

الزيارة الثانية للجراح


لم يعد قرار العملية والعلاج بالأمر السهل المضى قدما بدونه فالحياة مليئة بالألم اليومى والذى لا ينقطع ولا يمكننى حتى من تناول الطعام أو الجلوس فى غرفتى وحيدا ( الصومعة ) كما أسميها دوما ولا يدعنى أتأمل حالى وأفكر فى حل لمشكلاتى ولا حتى أجلس فى شرفتى المزعجة وأتأمل أحوال العباد جالسا على كرسى المفضل ... لم يعد كل هذا سهلا ولا متاحا لمريض مثلى لا يستطيع القيام من مكانه إلا بمعاونة الأسرة الكريمة ولهذا لم أستطع الإحتمال حتى موعد الزيارة الثانية وطلبت من الأسرة الكريمة أن ننطلق إلى عيادة الطبيب مرة أخرى لإسراع الأمور قليلا ولمحاولة تحديد ميعاد أكثر قربا من ذلك البعيد
فيومان على الزيارة الثانية واربعة حتى اجراء العملية لهوا وقت عظيم بالنسبة لشخص يعيش فى ألم ولا يستطيع ممارسة أى شىء فى حياته سوى الإمساك بالقلم أو لوحة المفاتيح والتواصل مع الناس
ندلف مجموعة كبيرة إلى العيادة سويا أتوسط المسير والجميع حولى البعض يمسك بيدى والبعض يقف خلفى خوفا من سقوطى فجأة والبعض يسبقنى حتى لا نضطر إلى الإنتظار فى تلك الغرفة المملة لإنتظار المرضى
يتجه أخى تجاه الممرض ويحدثه عن حالتى وعنى ويطلب منه إدخالى بسرعة إلى الطبيب مراعاة لظروف مرضى فيرد فى إقتضاب : (( آسف يا أستاذ ... لسه قدامك تلاتة كشف وإستشارة ...إتفضلوا إستنوا هنا..))
تملأ الجميع نظرات الخيبة والحزن من إنتظارنا الذى قد يدوم الساعتين وينظر لى بقيت المرضى فى عطف و يقول أحدهم للممرض :
(( دخله قبلنا إنته ملكش دعوة إحنا هنستنى ...))
يرد الممرض بنفس النبرة القاسية الأولى : (( ما هوا لو كل حاجة بتمشى فى البلد دى بنظام مكانش دا بقى حالنا ... حاضر إتفضل يا باشمهندس إرتاح ودقيقة وهتكون مع الدكتور ))
لم تمر دقيقة بالكامل إلا وكنت اجلس أمام الطبيب وسعيدا بهروبى من أمام نظرات المرضى المتعاطفة مع حالتى الصعبة و منظرى الذى يبدو عليه المرض ,, وبدا الطبيب كالمرة السابقة ولكن أكثر غضبا بعد الكشف على ..
ونظر إلى فى غصب وقال : (( يعنى خليتنى أكتب لك دوا ليه طالما مش بتاخده ؟؟؟ العلب بتاعت الدوا فيها عدد اقراص معين يعنى لو التزمت بيها كان زمان باقى قرصين فى كل عليه ... واللى شايفه قدامى إن حالتك زى الزفت .. وإن الدوا كل علبه ناقص منها تلات حبات ... يعنى حضرتك اخدت الدوا يوم ونص بالظبط وبس ... وباقى الفترة ولا حاجة ))
رددت الرد الشهير الذى يثير أعصاب الأطباء : (( والله يا دكتور نسيت ))
رد الطبيب : (( نسيت إيه يابنى ؟ إنته مش قاعد فى السرير ومبتتحركش ؟؟ نسيت إيه بقى ؟؟؟ ولا إزاى ؟ إنته أساسا موراكش غير الدوا وأنا مانعك من القعدة عالنت ... بتعمل إيه بقى ينسيك الدوا ؟؟ رد عليه كدا بقى... وبعدين انا قلت لك لازم حالتك النفسية تبقى أحسن يعنى تبعد عن كل اللى بيوترك لان انته اصلا محتاج تبقى حالتك أحسن عالأقل عشان تستجيب للعلاج ولا إيه ؟؟ المرة دى لازم تاخد الدوا لأنه لو مخدوتش مش هيبقى فى عملية يوم الجمعة ... فهمت ؟؟ ))
أومأت برأسى فى إبتسامة يائسة لكلام الطبيب البارع
لماذا دوما يظن الأطباء أن الدواء قد يفيد من لا يرغب فى الحياة ؟
لماذا لا يعقلون أبدا أن حياتنا لا تتحرك بتلك الحبات الصغيرة من الدواء ؟
لماذا لا أذهب فى مرة إلى احد الأطباء ويقول لى فى إبتسامة تحمل كل الطيبة (( غير جو وإخرج وإن شاء الله تبقى كويس )) ؟؟
لماذا لا يفهمون ان الجسد مرتبط بإحساس الإنسان تجاه الحياة ورغبته فيها ؟
فما فائدة كل الأدوية والوصفات الطبية فى العالم لشخص لا يرغب حقا فى الحياة ويعتبرها لهوا فى لهو وغشا فى غش ؟؟؟
ما فائدة الحياة لشخص ادرك أن المشاعر والإحساس هى مجرد أوهام الإدراك ومجرد حاجة تلبيها النفس البشرية بإعطاء الثقة للآخر لمجرد إشباع تلك الحاجة فى النفس وفى النهاية نصحو لنتألم مما حدث ؟؟؟
بجد مش عارف
ترقبوا الحلقة التالتة ... تحت مشرط الجراح
شاب فقرى