الأحد، 29 يناير 2012

قوس قزح : المحطة الأولى

دع العالم من حولك
ولا تفكر فى شئ
ولا تشغل بالك بالدنيا
ولا تعبأ بما قد يحمله لك الغد من آلام
فقط دع كل هذا وتعالى معى فى طائرة الأماني
لا تفكر كثيرا أرجوك ...
دع الدنيا تقبع أسفل أقدامك وتعالى معى
قاطعت كل أفكاره وكل كلماته الحزينة لتسأله فى شوق
: تتمنى إيه ؟؟؟
باغتته بالسؤال فلطالما سأله للكثيرات ولم تسأله إحداهن أبداً أو تفكر وتعبأ بما يتمنى ,,,
ليرد عليها فى دهشة وحب
: حقا ,, عايزة تعرفي أتمنى إيه ,,, شوفى بنفسك
ونظر في عينيها و تشابكت أيديهما فى شوق ~
لتبدأ حكاياته التى لا تنتهى ,,,
***
المحطة الأولى :
كان الجو هادئا كالعادة فى حقل القمح , الشمس تعانق سنابله الذهبية فى هدوء ونسيم رقيق يهب على الحقل ليجعل النهار فاتنا وليمنحه ما يجعله مميزا عن باقى الحقول التى كتبت عنها كل الحكايات والقصص على مر العصور , قد كانت أرض الأحلام حيث هنالك السلام بين كل ما خلقه الله عليها وبين كل ما جذبته خيوط الخيال ليوجد فى هذا الحقل حتى العصافيرغردت فى سعادة حلقت مع النسور حامية الحقل , وعلى إمتداد الأفق كانت هنالك مراعى خضراء وجدول من المياه فى نهاية الحقل وعلى الطرف الآخر من الحقل كان هنالك بيتاً عتيقاَ ذا شرفة رائعة بها كرسيان وطاولة وصوت موسيقى هادئة يهب مع النسمات و تغريد العصافير .
هنالك كانا يسيران معاً كعاشقين أنجبتهما الدنيا لتوها وحرمت الزمان من تجريحهما من قبل فلا يحملان هماً ولا يعرفان معنى للألم ولا يخشيان من الغد , فعيناهما لا تعرف الدمع وشفاههما لم تدرك الآه بعد وأوجه لم يقترب منها شقوق الحزن و صدوع الأوجاع الخريفية , سارا متشبثين ببعضهما غير عابئين بالزمان وما تحمله لهم الأيام وكأنهما يتحديان الأوجاع والمصاعب المستقبلية التى قد تطرأ علي قصتهما التى لم تبدأ بعد , سارا أيديهما متشابكة وعيونهما تتابع العصافير تحلق فى فرحة مع النسور لم يسألا الدنيا كيف لا يعم السلام فيها فى كل مكان كهذا الحقل ولكن إكتفيا بفرحة مكتملة وحلم ليس بعابر .
سمعته يدندن فى هدوء لتسأله : ما يشغل بالك ؟ ليرد عليها بما يهمس به قلبه لها :
((
أتيتك والمنى عندي
بقايا بين أحضاني
ربيع مات طائره
على أنقاض بستان
رياح الحزن تعصرني
وتسخر بين وجداني
أحبك واحة هدأت
عليها كل أحزاني
أحبك نسمة تروي
لصمت الناس.. ألحاني
أحبك نشوة تسري
وتشعل نار بركاني
أحبك أنت يا أملا
كضوء الصبح يلقاني
أمات الحب عشاقا
وحبك أنت أحياني
ولو خيرت في وطن
لقلت هواك أوطاني
ولو أنساك يا عمري
حنايا القلب.. تنساني
إذا ما ضعت في درب
ففي عينيك.. عنواني
))
ربتت على كتفه فى حب وجذبته كطفلة صغيرة نحو المنزل ليتناولا الإفطار معا , حين تدنو من الشرفة تزداد روعتها فى عينيك حيث يستقر كرسيان وطاولة صغيرة وبضع فناجين بيضاء وملاعق فضية و إبريق من الشاى وطبق من العسل و علبة السكر , أجلسها على كرسيها وجلب لها جريدة صباحية تحمل أخبارا غير عادية تبعث الفرحة على الروح فلا خلافات ولا معارك ولا أزمات ولا شىء يحرق القلب , تبتسم له ليملأ لها ذلك الفنجان الصغير بالشاى ويبتسم حين يضع لها السكر فتفهم معنى إبتسامته لتدارى شفتيها بكفها فى خجل و مرح ثم يناولها الكوب ويجلسا معا لتناوله جريدته الصباحية ويهب نسيم هادىء ليعبث بصفحات الجريدة و ينبهه إلى وجودها على المقعد المجاور والنسيم يداعب شعرها الأسود اللامع , فتتملكه الغيرة حتى من نسائم الهواء ويضحك فى هدوء وفى غضب مصطنع يطلب منها أن لا تعطى للنسيم فرصة لمداعبة شعرها لترد عليه فى دلال وخجل بأنها لا حيلة بيدها أمام النسيم وعشقه لها وبأنه إذا أراد أن تكون ( هى ) له لا عليه من طلب فهى بالفعل له قلبا وقالبا , يرد عليها بإبتسامة حانية ويقوم من جلسته ليستأذنها فى أن يسيران فى الحقل مرة أخرى إلى الجدول فى نهاية الطريق . تبتسم لتعطيه يدها وتقوم من جلستها وتنظر إلى الطريق لتراه طويلا إلى جدول المياه فى نهاية الحقل ليخبرها بأنه لا يهمه تعبا ولا هما ولا شىء فى الدنيا طالما كانا معاً , تحتضن يداه وذراعه وتسير بجواره لتداعب ثوبها سنابل القمح حتى تصل مع إلى جدول مياه فى نهاية الحقل تحاوطه الأشجار وتشرب منه الأرانب والعصافير وعلى ضفته صخرة بيضاء صغيرة وكأنها مقعد يتسع لإثنين وعليها رسم الصغار قلوباً بالطبشور ونحت العاشقين على جوانبها حروف أسمائهم الأولى فيجلسها بجواره ويحاوطها بذراعه لترتاح على كتفه من عناء الطريق وتنصت برفق إلى صوت أنفاسه وتضع أقدامها فى مياه الجدول النقية الباردة وتمرح كطفلة صغيرة ثم تكف عن اللعب قليلا لتنظر فى عيناه وتسأله هل سيفرقهما الواقع والزمان ذات يوم ؟؟؟ هل سيكونان ذات يوم مجرد أحرف على تلك الصخرة الصغيرة ؟؟ ليبتسم لها مطمئناً ويخرج من جيب معطفه منديلا صغيرا ويعقده حول أصبعها ويخبرها أن هذى عقدة الولاء وبأنه سيظل معها أبدية لا تنتهى أبدا , يبتسم ثغرها لكلماته و تضع رأسها على كتفه من جديد ويديها تحتضن يداه والعقدة مازالت بين أصابعها ويرفعان رأسهما للسماء ويغمضان عيناهما ليشعران بنسيم الهواء حمل رائحة مياه الجدول العذبة وينصتان لصوت أوراق الشجر تعبث بها الرياح وصوت العصافير يظلان هكذا حتى يشعران بذلك السحر الأسطورى وتعود من جديد لتضع رأسها على كتفه ويده تصفف شعرها فى هدوء ليشير لها بيده على الأفق قائلا : شايفة قوس قزح , تفتح عينيها فى سعادة لتنظر إلى عيناه وتقول فى حب : أنت قوس القزح الخاص بى , ثم تبتسم وتعود إلى كتفه من جديد .
إنتهت المحطة الأولى ...
شاب فقري
إليها : ...
وما كتب ما بين قوسين باللون الأحمر : أشعار فاروق جويدة قصيدة فى عينيكى عنوانى .