الخميس، 24 نوفمبر 2022

شعائر الرحمة

 لكل فترة عشتها في حياتي كان هنالك دوما مفهوما لله ، كنت أسعي جاهدا أن أعرفه ربما أتدارك بعضا من خصاله فأكون قريبا منه، في الصغر شغل بالي الدعاء ، ذات مرة سهرت حتي الصباح أدعو الله أن ينتهي وجعي ويكف التعنيف والأذي وليلة أخري أتذكرها جيدا في طفولتي جلست أدعو الله في سريري بتلك الفتاة ومرة أخري كنت أراسل الله في كتاباتي والتالية فكرت في شيء واحد مع سيجارتي الأولي ، أين العدل ؟ أليس الله هو العدل ؟ إذا فعدالته سارية ، دخنت سيجارتي الأولي في هدوء وبدأت في التدخين ، بعدها بعدة سنوات رأيت الله في المحبة والإختيار وهو المفهوم الذي تمسكت به ، أتذكر أنني شاهدت يوما فيلما من كتابة ستيفن كينج كان هنالك إمرأة متدينة تعنف الناس وترهبهم من إلهها الإبراهيمي ، رد عليها أحد الحضور ، سيدتي أنا أؤمن بالله لكني أؤمن أنه ليس ذلك السفاح المتعطش للدماء الذي تخبريني عنه .

صاحبني المفهوم وظل معي وكبر مع الأيام ، هل الله فعلا هو المحبة ؟ هل الله فعا هو الحب ؟ لماذا خلقني الله ، وخلق آدم وبدأت في التفكير ، عند الله وأمام عرشه ملائكة ساجدة منذ بدأت الخليقة وحتي تنتهي ، لم الله أحبني وأحب الإنسان ونفخ فينا من روحه؟لأنه ببساطة منحنا حق الإختيار لسنا مثل الجبال او الارض او الشمس او الملائكة ، نحن نذهب إليه بإختيارنا ورضانا ، يمنحنا كل شيء ولا يمل من المغفرة لنا مع كل خطأ ، إذن ، الله هو الحب والإختيار الحر ، لا حب بدون إختيار ، الله إختارك لتسير في هذي الدنيا وتلبي مشيئته ، إذا ياعزيزي كف عما تفعله  وكن لله فقط ، .

لقد ضرب المثل بمبحة الله أنها أعظم من محبة الفرس التي تلد طفلها وترفع حافرها كي لا تؤذيه ، هذا هو الجزء الوحيد في الدنيا الذي نحب ونتراحم به ، والله لدبه بقية الأجزاء المائة ، أوقن اليوم حق اليقين أن الله بداخلي ، يراني من الداخل ، ينتظرني عند كل مفترق طرق وعند كل شربة ماء وأنا أنطق إسمه وأناديه للنجدة والعون ، لطالما أحببته وكنت علي يقين تام به ، لا شيء يساوي محبة الله ، هنا في ألمانيا رفضت العديد من الفرص الحرام ، الجنس والمال الحرام و الأفاعيل الباطلة كلها ، مخافة أن أخسر محبته ، وهوا مازال هناك يراني ويرحمني وينتظرني ، أعلم جيدا أن لدي مشكلة في جانبي العاطفي ، شيء لا يمكن السيطرة عليه ، لكنه الله ، قادر علي كل شيء ، يراني وينتظر إختياري ، يعلم جيدا في كل مرة أنني سأختاره ويرحمني في كل مرة أعصيه او انسي الاختيار واترك الامور تسوء بلا محاولة مني للتصحيح

المحبة التي خلقها الله في قلبي ، تسع كل شيء وتغطي كل شيء ، واليوم تغطيني وتحميني وترحمني ، فأنا في الأول والآخر مجرد جزء منه يحلم يوما بأن يلقي وجهه، لطالما ارتعبت ان اقابله ظالما فما كان مني الا اني تهاونت في حق نفسي وظلمتها ظنا مني انه سيرحمني ، والله لا يقبل الظلم وحرمه علي نفسه ، لذلك دوما اعتذر لاحبتي وعائلتي واصدقائي ، حتي لمعلمي ومعلمتي وصديقتي و زميلتي ، أعتذر لهم جميعا دوما خوفا من خسارتهم وخوف اخر من اكون البطل السيء الذي دمر حياتهم ،.

اليوم جلست وفكرت كثيرا في جانبي العاطفي ورأيت كل النقائص والجنون والزيادات في كل شيء ، أرسلت إلي معلمي وإلي معلمتي ، وكان ردهما مختلفا ، الاول ارسل لي انه لا يستطيع الحديث والثانية ارسلت لي صور الكعك المخبوز ،و اطباق الأرز التي تطهوها ، الجمال في البساطة ، في ذلك الهدوء الذي يقبع في قلب المحبة والتراحم والتفاهم ، العاطفة ما هي الا وقودا والهدوء هو السكون الذي يعتري جوانب المركبة الا من صوت المحرك ، وبعد طول تفكير شعرت بشيء ما ، شعرت بأنه هنالك عند حدود الأفق بعد الشفاء يقبع الله ينتظرني ، يبتسم لي ويرحمني ويبادلني المحبة ، ذنوبي عظيمة وجراح قلبي وكأنها ثقوب سوداء ولكن الله هنالك يشير الي ان محبته تسع كل شيء رانه سيصلح قلبي المهتريء ويرزقني بالكعك والأرز يوما ما و بكوب من الشوكولا علي النيل في القاهرة ، يخبرني بهدوء ان ما اراه بعيوني ما هو الا مجرد وهم الحياة ، وانه سينتهي حين أقوم بتغيير نظارتي ، يراني ويرحمني ، ماذا اطلب اكثر من ذلك ؟

كل تلك المحبة التي تملأني لا عيب فيها إنها وقود الرحمة والبناء لعالم سعيد وأبناء يعشقون اباهم وزوجة تحتضنني وتروض قلبي وتهديء روعي بإحتضان علي صدرها وكأنني طفلها يلتقم صدرها رحمة ومحبة منها لكي أكبر وأصير رجلا ، يداها تمشط شعري وتتحسس مكان قلبي وتهديء روعي بأن ليس هنالك ألم يا حبيبي ، لا خوف ولا قلق ، هنا بين أحضاني الجنة ، أتخيل المستقبل الحاني يربت علي كتفي ، بضعه اختيارات صحيحة من أجل الله والعطاء سيبهرك يا بني ، أعوض مره اخري لاتخيل الرائحة ، والملمس لذلك الحضن الآمن ، لا شيء يفوق الأمان والتراحم ، لا مال ولا صداقة ولا حتي العالم كله بكل بلدانه .

كنت أبحث دوما عن الأمان والرحمة والمودة والتراحم والعشق ، لم أدري يوما ان قلبي ممتليء بهم ، كل الناس تخبرني انني الشخص الحنون والاكثر رحمة ، وبانني لا مثيل لي ،، ولكني لا اصدقهم ، اليوم واجب عليا التصديق لانني كنت احمقا اري في قلبي الالم، عصارة السنين مجرد ألم كالسم يجري بين عروقي ، اليوم اري الهدوء والتراحم ، اري كيف تبني البيوت واري كيف يمكنني ان احيا في هذا العالم بلا الم ، وبلا آمال كاذبة ، أتخيل للحظة رائحة الشعر الطويل الكيرلي يقع علي وجنتي وانا نائم عند قدميها وهي تقبل جبهتي ، حتما تنتظرني هنالك عند التعافي ، اتخيل ابتسامتها حنونة ترأف بي ، تخبرني انها تعلم اني هش القلب ولكن رحمتها ومحبتها تقوي قلبي علي الايام ، اقوم من بين احضانها لابدا يوم العمل ، تاتي لتجلس بين احضني وانا عند الكرسي وتحتضني مره اخري وتضمني عارية الصدر وتمسح علي وجهي ، اري ذلك النور ، تلك الاماني التي لم اتخيل يوما اني سأتخيلها م لا اخبر معلمتي ولا معلمي ولا اصدقائي باحلامي وادونها هاهنا لكي اقراها لها في ليلة ما ، بعد عناق ظويل ، اتخيلها تخديء روعي ، تلك الغجرية الحبشية التي ستختارني وتعطف علي قلبي وترحمه ، تلك القمحية ذات القمحة علي وجنتها ، تلك الجميلة التي تبني بيتا وتعمر عشا وتضمد قلبا وتقوي روحا ، هكذا اري الحب ، ذلك الاختيار لشخص يدفعه ليكمل ما نقص فيك ويسمح لك ان تكمله ، كلها احلام طبعا لكني واثق من الله ، عندي ذلك اليقين ، الذي يروي قلبي ويمنحني الهدوء ويبعدني عن العاصفة التي تفتك بي ، لا مزيد من الالم ، هنا يقبع اعظم ما خلق الله ، قلبي الحنون ، الذي يفهم معاني الرحمة والمحبة ، ويقسو ليصفح ويعطي ليسعد و يسعي ليبني بيتا ،وينبض من اجل ابناء سعداء وزوجة عطوفة رحيمة .

مازلت متيقنا ببساطة ان الحق هوا الله ، ولكن الله في السماء ونحن علي الارض فلن يعطيك احد حقك ولن يعترف احد بالحق ولن يبني لك احدا بيتا او يمنحك حقك ، فارحم ذاتك ياصديقي وتواصل مع الله ، الله فقط ، مازلت ارفض الخوض في معارك مع احبتي مازلت مدركا لان الخسارة في الحرب اعظم شرف حين تنجو بما تبقي منك لتبني بعدها عالما ، ربما تتحقق احلامي قريبا وربنا بعش عشر سنوات وربما هنالك في النهاية عند ابواب الجنة ، لا ادري ، مازلت احلم بالدفء وبدقات القلب الحنونة التي تضمني وتحيا معي انا لا مع تخيلات وتصورات وهمية ، بناء بيت صغير صار هو كل شيء ولكن كيف يبني البيت وكلها احلام ولم اقابل حتي تلك الفتاة يوما ؟ ربما سيرزقني الله قريبا  ، فهو فقط من يري قلبي ويسمعه .

كريم  ٢٤-١١