الخميس، 1 سبتمبر 2011

شرطة مايلة فراغ ...

هذه القصة كتبت إهداءاً إليها : إلى ملهمتى
:)

كان المرة الأولى التى أخرج لأقابل فيها فتاة لم ألتقى بها من قبل ففى عالم الإنترنت حاولت دوما رسم حدود تمنعنى عن لقاء أى شخص لا أعرفه من عالم الواقع أولا ....ولكن هذه المرة تختلف لا تسألنى كيف هذا ولكنى حقاً أشعر بأنها تختلف فأنا أحادثها طوال اليوم عبر شبكة الإنترنت ومساءا لا تهدأ حتى تسمع منى حكاية قبل النوم لتنام على الهاتف و أظل أنا تداعبنى أنفاسها وأغنى لها حتى أتأكد تماما من أنها نامت ... لم أفعل هذا من قبل بالطبع ولم أتعود عليه ففترة الشباب أو كما يسمونها ( شقاوة الشباب ) لم تكن فى حياتى فترة مذهلة من حي التفاصيل والأساطير التى قمت بها ...أينعم كنت أسهر كل ليل بجوار الهاتف ولكنى كنت أستمع إلى مشكلات أصدقائى .. فهذا يعشق بلا أمل وهذا مجروح من حبيبته وهذا يتمنى أن يصارحها وهلما جرا ...

لم أعرف فى البدء كيف أقول لها هذا ؟؟؟ كيف أطلب منها لقاءا فهذا شىء لم أفعله من قبل ...حتى أنى ظهر على صوتى بعض التغيير فى الهاتف طوال الأسبوع الماضى وهى دوما لا تكف عن السؤال ... : ( مالك ؟؟؟ ) وأنا أتعلل بكل الأسباب الممكنة حتى أخفى عنها السبب الحقيقى فتارة ( عندى صداع ) وتارة أخرى ( مشاكل العمل ) وأحياناً ( أصلى منمتش كويس إمبارح ) حتى ألم الأسنان تعللت به ... لم أتوقع كيف يكون ردة فعلها وكيف ستتقبل طلبى ... نحن فعلا مقربون بل أننا أقرب الأصدقاء فهى تحكى لى كل ما يحدث لها وأجلس أراقب كلماتها على الشاشة وأشعر وكأننى أراها يومياُ تحدث صديقاتها و تخرج لشراء الكتب وأتخيل حوارها المقتضب مع ذلك السمج بائع الكتب وأتخيلها تحجز تذاكر الحفل لأحدى الفرق الموسيقية التى تعشقها ...الحفل ...إنه الحفل ... إنها الفرصة الوحيدة للقاء ... يالى من عبقرى .. هذا سهل الآن ...
رتبت أفكارى ... طبعا لن أطلب منها حجز تذاكر الحفل هكذا بشكل مباشر ... فلتكن هنالك بعض المقدمات حتى لا يبدو الموضوع سخيفا أو وكأننى أتملقها أو أحاول ال إلإرتباط بها كبقية من تعرفهم من زملاء وأصدقاء ومعارف ... لا أريد أن أبدو تافها ... كل ما أتمناه حقاً أن أعلم من هى ياترى ...أن أرى الصورة الكاملة لها ... هل حقا هى بهذا الكمال التى تبدو عليه فتاة أحلامى ؟؟؟ هل هى بهذا النقاء ؟؟؟
أدرى أننا لسنا مناسبين لبعضنا أبدا وأننا من بلدين مختلفين وأننا مختلفين فى المستوى الإجتماعى والمادى وحتى التعليمى ... هى تبدو أعلى منى بدرجات كثيرة وكأنها تقبع هنالك ملكة متوجة على قمة الهرم وأنا مازلت على الدرجة الأولى أحاول الصعود ولا أستطيع ... فحتى أحلامى تمنعنى عما أتمنى وتكبلنى وظروفى كمستنقع غرزت فيه قدماى كشجرتين كبيرتين لهما جذور تمتد آلاف السنين ...
كل ما أتمناه حقا هوا ان أراها ... أن أرها تنطق حروفاً وتتنفس أن تعود لى ثقتى بالوجود وأن أدرك أنها حقيقة ....أن من بين من خلقهن الله هنالك فتاة قد تصلح لى حبيبة وعشيثة وزوجة وأختاً وأماً وأن فى هذا الوجود من قد تسمعنى أحادثها ولا تحبطنى وتؤمن بى كما أتمنى
بدأت خطتى المرسومة لها بإحترافية ...أعلنت أولا بعيداً عنها تماما قد إستعددت لحضور حفل فرقة ( مسار إجبارى ) للغناء فى بلدتها الجميلة ورجوت على الملأ من أى شخص أن يحجز لى مقعدا بالحفل ... وإنتظرت ساعتين على أحر من الجمر و سخرية أصدقائى من طلبى و أنا أفكر فيها ... هل سترد ؟ هل هى موجودة الآن ؟؟؟ هل قرأت ما كتبت بعد ؟؟؟ هل تريد أن ترانى حقا ؟؟؟ هل إستعدت لمثل هذا الموقف ؟ لأجدها بعد مررو الثلاث ساعات ترد قائلة : ( مش قلت لى ليه إمبارح ؟؟ )
ها قد فتح الموضوع أخيراً ... تركت ما كتبت على الملأ وردود الأصدقاء وبدأت محادثتنا
- إنته جاى بجد ؟؟؟
- أيون طبعا ...أنا بحب أحضر للفريق دا وبسمعلهم من كام شهر
- تمام ... هحجز التذاكر
بدأ قلبى فى الخفقان كلمجنون بالرغم من أننى دفنت ما تبقى منه حياً منذ سنوات فى أعماقى وبدأت إبتسامة تسطع على شفتى وإرتعشت يداى قليلا وأنا أكتب لها ...
- هتحجزى كام تذكرة بقى ؟؟
- ليا وليك ...
لم أتخيل ما قالت ... هل حقا سنلتقى ؟؟؟ هل الأمر بمثل هذه السهولة ؟... سأراها ...أخيرااااااااا سألتقى بها ...وهنا بدأت الموسيقى صوتها يعلو من حولى وأنا غير مصدق ما حدث للتو ومازالت تلك الرعشة تسكن يداى وأنا اكتب لها ..
- أوكى
- ولا إنته مش عايز أحضر معاك بقى :(
لا أدرى كيف إنتابها هذا الشعور لعلها تمزح ... ولكن... حسنا حسنا سأرد بأسلوب لطيف مهذب
- أبداً والله
منعت نفسى بمشقة أن أكتب لها (( دا أنا أتمنى والله ))
- طيب يومها بقى نشوف هنتقابل إزاى
- ماشى ... إقفلى موبايلك فى اليوم دا وإستنينى الساعة سبعة ونص عند تمثال إسكندر اللى فى الساحة قدام القاعة
- حتى فى دى مختلف عن الناس .... ياربى عليك
- دى طبيعتى ودا أنا
إنتهى حديثنا وبدأت أرسم الأحلام ... وأنتظر مكالمتها مساءا .. ترى ماذا ستقول وكيف ستعلق عن الموضوع ... يجب أن لا يبدو على الإهتمام الشديد فالفتاة إذا أحست أن هنالك إهتمام خاص بها أو مكانة غالية لها سرعان ما تبدأ فى أفعال الجنون والدلال و ( التقل ) وكأن هذا ذنباً لابد أن يكفر عنه الشاب ويعاملها أقل مما يرى أنها تستحق
مرت الأيام وجاء اليوم الموعود ... بدأت أرتب حقيبة السفر المعتادة لى ... كل شىء فى مكانه ... حتى العطر المفضل لى والكتاب الذى سأهاديها به والوردة التى تقبع بداخله منذ سنين ... خرجت من منزلى غير مصدق وشاعرا ببطء الوقت ... فيم سأقضى كل هذا الوقت حتى يحين اللقاء ؟؟؟ أيصح أن أطلب منها أن تكون معى منذ الوصول حتى ساعة الحفلة ؟؟؟ أم أهاتف أصدقائى ليقابلونى ونضيع الوقت كالمعتاد فى أشياء تافهة ... ما هذا ؟؟ لماذا أرى كل ما حولى تافهاً إلا هى والوقت الذى سأقضيه معها ؟؟؟ لا أعلم ولكن ما أنا واثق منه إن قلبى اليوم ليس على ما يرام ... يصدر دقات غير منتظمة وكأننى للتو فرغت من عدو أميال وأميال كلما لاحت لى فكرة أننى سألقاها اليوم ... لماذا ياترى ؟؟؟
هاتفتها حين وصلت لأجد هاتفها مازال مفتوحا ..
- أنا وصلت
- نورت الإسكندرية
- على فكرة هى منورة بيكى ... وأوى أوى كمان ... المرة دى مختلفة عن كل مرة بنزل فيها
- إمممممم بلاش مجاملة ... هتروح فين دلوقتى ؟؟
تذكرت نصيحتى لنفسى بعدم إبداء الإهتمام لها لكى لا تبدأ أفعال الجنون المعتادة من الفتيات لأرد رداً يبدو تلقائيا
- هكلم صحابى فى أليكس بقالهم كتير مش إتقابلنا وبرده نفسهم يشوفونى أوى
- كان نفسى أشوفك بس خلاص خليك مع صحابك
إنتبهت من الرد الغبى الذى قلته وكيف ضيعت تلك الفرصة بأن أقضى معها بضع ساعات إضافية لأحاول مداواة ما إقترفت من غباء برد آخر
- لسه محدش فيهم عرف أنا عاملها مفاجأة أصلا ... لو تقدرى تنزلى ونتقابل فى نفس المكان اللى قلت لك عليه كمان ساعة بالظبط ... يبقى تمام جدا ... ومش تنسى تقفلى موبايلك
شعرت للحظات بتلك الإبتسامة على شفتيها وبفرحة غامرة لم ينقلها لى الهاتف لأسمع ردها ...
- نص ساعة وأكون هناك
- هستناكى
نصف ساعة الآن تفصلنى عن لقاءها ... لا أصدق ما يحدث حقا وأسرعت لإيقاف إحدى سيارات الأجرة لأكون فى المكان المتفق عليه فى الميعاد فلا أحب أبدا أن أكون متأخرا وخصوصا فى حالة قفل جوالها ... لا أريد أن أعطى لها إنطباعا سيئا عنى
نزلت من سيارة الأجرة على البحر ... ما أحلى بحر الأسكندرية فى الشتاء ... دوما يذكرنى بفتاة أحلامى إما بأمواجه المجنونة أو بنسماته التى إما تكون رياحا عاتيه كمشاعرها أحيانا أو نسمات هادئة رقيقة تطير فى فرح كإبتسامتها أو يذكرنى بعينيها حين أضل فيهما الطريق وأغرق فى سحرهما وأظل مسحورا أبحث عن ميناء بلا أمل لأننى عشقت الغرق فيهما ...
يمر الوقت وأنا مازلت سائرا على البحر ... حقا أعشقه ..أنظر إلى ساعتى لأجد أن الميعاد الآن لترتعش يداى وتبدأ عيناى فى ملاحظة كل تفاصيلى وملابسى و محاولة جعل كل شىء مضبوطا ... أعبر الطريق بعينين زائغتين ورياح الشتاء تعصف بى من ناحية البحر وكأنما شعر بما يدور بداخلى وحاول أن يزيدنى شجاعة فما زادنى إلا خوف مما سيجرى بعد لحظات ... أصعد بعض السلالم أمام مكتبة الأسكندرية ... ها قد إقتربت .. ترى أين هى .؟؟؟وأين هى حقا ؟؟؟ أحاول أن أسير بخطوات ثابتة لعلها تراقبنى الآن ... أقترب من تمثال الإسكندر .. حمدا لله لقد ظل فى مكانه منذ آخر مرة .. لا أدرى لما أقول هذا وهل من المفترض أن أعود لأجده إنتقل لمكان آخر ؟؟؟ تفكيرى مشتتوصت دقات قلبى يمنعنى من سماع أى شىء ..ألتقط هاتفى الجوال محاول الإتصال بها ولكن لقد أخبرتها أن تطفىء هاتفها الجوال ... ياإلهى ... إستمريت فى السير تجاه التمثال ولا أرى لها أثرا فالفتيات كثيرات وأنا لا أعلم أين هى أو من هى حقا فى هؤلاء ؟؟؟
أقف بجوار التمثال للحظات لأجد من تطرق على كتفى بلمسات رقيقة وتقول
- كريم ... كريم ...
إلتفت لأجدها هنالك ... الآن توقف كل شىء ... لم أعد أشعر برياح البحر تدفعنى ولا حتى أشعر بمن يقفون حولى ولا بأى شىء ...فجأة ساد الصمت فى الكون وتوقفت الساعة والزمان للحظة لم أشعر فيها إلا بقلبى وهوا يصرخ من الفرحة كطفل وليد ....
الآن هى تقف أمامى ......
الآن هى حقيقة ....
الآن أراها ...
لا أدرى أين إختفت جدران مدينتى القوية ولا أين ذهبت جيوش تلك المدينة إلى حيث لا رجعة ... هل حقا لم تكن هنالك دفاعات لمدن قلبى ؟؟ هل كانت مجهزة ومعدة لإستقبالها منذ زمان ؟؟ هل كانت هى فتاة البحر التى طالما تراءت لى فى أحلامى ؟؟؟ ...
هى - كريم ....كريم ... فينك يا كوكو
أنا - هنا أهوه ... إزيك ؟؟
هى - يا سلام ... طيب أوك ..
أنا - أصل كنت بدور عليكى وكنت بفكر فى حاجات كتير كدا
هى - طيب أنا هنا أهوه ( تشير إلى نفسها )
ما هذا الذى يحدث .... لماذا لم تحيط بها عيناء من اللحظة الاولى وتراها وترى كل شىء فيها كما يحدث مع كل من أراهم للمرة الاولى ؟؟؟
ربما عقلى قد إنشغل بإستمتاع قلبى بوجودها هناك أمامى ؟؟؟
لا أدرى ... ما علينا الآن ... تبدأ عيناى فى رؤية تفاصيلها التى بدأ قلبى فى عشقها قبل أن يراها من هذا الصوت الرقيق قبل أن ألتفت نحوها ... طويلة نوعا ما ... ترتدى نظارة شمس كبيرة تخفى عينيها وطرحة تحمل لون حجر الفيروز وفستانا أبيض يحمل فراشات باللون الوردى ويخيل لى أنها حقيقة وتتحرك مع نسمات هواء البحر حولها وكأنها وردة برية ... هادئة .. رقيقة .. سماوية .. تنتمى للبحر ... تنتمى لبلاد فتاة أحلامى ... تقاطع أفكارى بقولها :
هى - ها هتروح فين بقى
أنا ( فى تلقائية وسعادة وإبتسامة تعلو شفتاى) - البحر
هى - يا سلام ... فين يعنى ؟
أنا - البحر وبس
هى - خلاص نروح القلعة ...عند البحر
أكتفى بالصمت وأشعر بأننى أوميء لها برأسى بالرغم مع أن هذا لا يحدث حقا ليتكرر صوتها وكأنها توقظنى
هى - كريم كريم ... روحت فين يا كوكو
لأفيق من صمتى وأعود لها من جديد من أفكارى قائلا
أنا - هنا
هى - وحشتنى ...
أنا ( لا أعى بشكل كامل ما يحدث ولكننى أرد ) - وحشتينى
هى - يلا بينا
أنا - يلا
نسير سويا ... تتحدث عن الحفل وعن المكتبة وعن اليوم وعن جوالها المغلق وعن الطريق وعن القلعة وعشقها لها وللبحر هنالك ليخطر ببالى سؤال للمرة الأولى أسأله لها ...
أنا - حبيتى قبل كدا ؟؟؟
هى - كان فى ناس بس قلبى مبيتحركش ومش عارفة ليه
أنا - تفتكرى هيتحرك
هى (فى إبتسامة ساحرة وهواء البحر يداعب طرحتها برقة ) - وهوا لسه هيتحرك ؟؟
أفهم ما ترمى له ولا أشعر بنفسى إلا بيدى تتشابك أصابعها مع أصابع يدها واجذبها لنجرى سويا على الكورنيش والبحر ...تضحك بطفولية وتقول
هى - كنت عارفة إنك مجنون
أنا - وانا كنت عارف إن جواكى بنوتة صغيرة وعسولة أوى
نوقف إحدى سيارات الاجرة لتترحك بنا نحو وجهتنا ... القلعة ... ننزل من السيارة متشابكين الأيدى ونسير سويا فى الطريق جنبا إلى جنب ... أشعر بأنها تطير لا تلمس الأرض بقدميها ...أستشعر دقات قلبها و أرى فى عينيها فرحة الدنيا كلها لا تسع الدنيا وتكبر رويدا رويدا لتملأ الكون كله
هى - كوكو ... أنا عايزة أعرف بتروح منى فين ؟
أنا - أبدا والله أنا هنا بس مش عارف فى حاجات كتير أوى عنك بفكر فيها ... حاسك أوى ومش عارف ليه
هى - هوا أنا قلت لك قبل كدا إنى كنت عارفة إنك مجنون ؟؟؟
أنا ( ضاحكا ) - أيون
هى - كنت غلطانة ... إنته مجنون أوى مش مجنون وبس
نضحك سويا ونسير تجاه القلعة وهواء البحر يدفعنا لنكون سويا لا أدرى له إتجاها لكنه يدفعها نحوى ويدفعنى نحوها ... ليوقظنى من أفكارى فتاة صغيرة تترجانى فى إلحاح قائلة : ( وردة يا بيه ؟؟ إشترى لها وردة ربنا ما يحرمكم من بعض ... يارب يخليها ليك يا بيه يارب مش تزعلك أبدا ... وإنتى إسمعى كلامه وخدى بالك منه وخليه يشترى منى وردة بقى )
هى ( تضحك فى دلال ) : إشترى منها
أنا - أشترى ليه وأنا أصلا جايبلك وردة ..
تنظر لى فى ذهول قائلة : مش قلت لك مجنون أوى
أخرج بضع جنيهات من جيبى لأعطيها للصغيرة واكمل معها نحو الصخور أمام القلعة والموج يضربها بقوة وكأنما يشجعنى على أن أقول لها كل شىء وأحكى لها ما تهفو له نفسى ... ألمح شابا يعمل فى مقهى صغير على البحر يتجه نحو سماعات كبيرة ليتشبع الهواء بالموسيقى وصوت منير يناجى حبيبته قائلا : مش عايز أحبك مش عايز ... مش داخل سجنك مش جايز ... مش جايز أموت فيكى وليكى ... دا أنا أموت فى عنيكى من غمزة ..دا أنا عارف نفسى وتلاكيكى هعشق لياليكى من لمسة
لننطق سويا معا : الطول واللون والحرية
أضحك فى فرحة وتبتسم هى فى دلال وتنظر نحو البحر ومنير مازال يترجى حبيبته : بالظبط الشعر اللى بحبه ... الطول واللون والحرية ..
لتعود عيناها إلى عيناى لتروي قلبى من جديد بنظراتها ..قائلة :
هى : مش أنا قصيت شعرى وعملته ديل حصان قبل ما آجى
أنا : أكيد كدا احلى ..
هى : بس منير حبيبته شعرها طويل
أنا : وهوا بيحبها مجنونة زى ما هى ...
لم أنتبه كم مر من الوقت لنا سويا على الشاطىء نراقب أمواج البحر وأيدينا متشابكة أمام البحر وكأننا نعاهده عهدا أبديا لا فرار منه ألا نخون تلك اللحظات أبدا... ورويدا رويدا يختفى نور الشمس فى الأفق لتغرب فى البحر وأقول لها :
أنا : تعرفى إن الشمس والبحر عشاق ؟؟؟
هى : إزاى بقى ؟
انا : هى بتفضل تراقبه طول اليوم من شباكها .. وبتفضل تبص عليه وهوا موجه يعلى يبقى نفسه يقرب منها ومش عارف لحد ما هى تحن عليه آخر اليوم وتغرب فيه وتطفى نار شوقها ليه وتبوسه قبل النوم بقى بليل ... عشان كدا بليل فى الشتاء أحيانا بيبقى الموج شديد أوى والبحر هايج ... عشان بتكون وحشته وبيكون وحشه الدفا منها ...
هى ( فى إنبهار ) : مين حكالك الحكاية دى ؟؟؟
أنا : البحر والشمس ... مفيش حد يعرف إن التانى حكالى حكايته :)
هى ( تضحك فى طفولة ) - يلا نروح الحفلة
أنا : يلا
نسير سويا ونستقل إحدى سيارات الأجرة لنصل إلى مكتبة الأسكندرية وندخل إلى قاعة الحفل ... نجلس سويا فى إنتظار الفرقة لتبدأ فى الغناء .. أداعب أصابع يدها وأضمهما وكأننى أحتضنها بأصابعى ... يقاطعنى رعشة يدها ويدها الأخرى تضرب على يدى وكأنها تعلم ما يدور بخلدى قائلة :
- بس كدا يا كوكو ... عيب
أبتسم فى هدوء وأحاول الحديث ليقاطعنى صوت عزف الفرقة وبدء الحفل ...لتشير لى نحو المسرح كى أكف عن النظر إليها والغرق في سحر عينيها وتقول لى :
هى - ركز هناك بقى أغنيتنا هتبتدى أهى
أنظر نحو المسرح فى فرحة وأستمع للموسيقى تبدأ أغنية ( مرسال لحبيبتى )...أضم يدها مرة أخرى ولكن هذى المرة لا تستطيع الإفلات من يدى لنصل إلى الجزء المفضل من الأغنيه وأنا أنظر إليها هامسا بكلمات الأغنية ...((بحبكِ قلتها بالكسرة .... نفسى أسمعها بالفتحة ))
لتنظر لى وتقول وفى عينيها تتلألأ دموع الفرح وتقول ( بـــَــــــحــــبــــك )
إنتهى الجزء الأول ,,,
شاب فقرى
ملحوظة :
وحشتينى
بــــــجــــــنـــــــون

لما تنسى حلمك

العامل المشترك دايما اللى بلاحظه فى قصص كتير أوى بقراها أو حتى أفلام بشوفها لو فيها قصة حب يعنى إن دايما فى طرفين ( حلوة المعلومة دى ) وإن الطرفين دايما فى بينهم مشكلة ( معلومة أخطر ) وإن دايما المشكلة مشكلة فهم أو تفاهم بينهم ( هنعتقد إن كل المشاكل كدا ) وإن دايما أحد الطرفين بيهرب أو بيحاول يلاقى الحل بإنه يبعد والطرف التانى بيفضل مستنى ... هنا بقى هنتكلم عن الطرف المستنى والطرف الآخر الهربان ... من خلال نظرتى أنا .
الإنتظار
الإنتظار هوا لعنة الوقت ... الوقت هوا العمر وهوا النجاح وهوا الفشل وهوا المرض وهوا الأمل وكلمة إن الوقت هيعدى وإن الموضوع هيمر مع اللى مر قبله وفى أدلة كتير جدا كافية وغير كافية لإننا نعرف ببساطة إن الوقت هوا كل حاجة فى حياتنا كل موقف وكل صوت وكل منظر وكل مشهد وكل إحساس وكل كلمة حلوة وكل لحظة حلوة بتفوت علينا
الإنتظار بقى هوا لعنة الوقت ... هوا الوقت اللى بتقف فيه تتفرج على مشهد نفسك يخلص على طول أو هوا الوقت اللى بتقف فيه تتفرج على حياتك فى إنتظار إن هيحصل حاجة جديدة لكن مفيش حاجة بتحصل ... السبب ببساطة إنك واقف فى مكانك بتتفرج مش بتتدخل فى المشهد زى بالظبط اللى قاعد يتفرج على فيلم وبيحلل كل لحظة فيه وبيحب البطل والبطلة جدا ولكن ... مهما عمل فمش هيقدر يخش فى نص الفيلم ويصلح بينهم و يرجعهم لبعض عشان يقدر يشوف أو يسمع أو يستمتع بلحظة حلوة على شاشة السينما ... الإنتظار هوا الوقت الضائع فى حياتنا اللى بنحاول دايما مش نقضيه .. دايما بنحاول نعمل أى حاجة فى حياتنا مثلا يعنى نفرح أو نحزن أو نشتغل أو نحقق هدف ولكن الإنتظار دايما هوا اللى بنهرب منه لأنه بيخلينا فى المواجهة .
المواجهة مع نفسنا ومع أحلامنا بس ياترى إيه هى أحلامنا وليه بنخاف أوى كدا نواجه نفسنا ؟؟؟
أحلامنا دايما زى ما بشوفها بتنقسم لنوعين وهتفهم لما أقول النوعين فورا أنا مصنفهم إزاى :
الحلم الجميل والحلم الواقعى
أولا : الحلم الجميل
الحلم الجميل هوا الحلم اللى بنختاره تبعا لمقاييسنا إحنا ... زى مثلا إنك تحب بنت السلطان أو تشتغل طيار أو تلف العالم أو تسكن فى هاواى أو تدرس فى معهد MIT فى أمريكا أو إنك تروح تدرس الطب أو إنك تبنى قصر لو مشيت في الجنينه بتاعته ست ساعات مش تخلصها لأنك بتحب المشى ومش عايز تشوف وإنته ماشى غير الخضرة وبس ... الحلم الجميل هنا هوا الحلم اللى بنختاره مهما كانت إستحالته وهفرض تانى فرض إنك مثلا ممكن تحب شخصية وإنته عارف تمام المعرفة إنها مش ليك ...
الحلم الجميل هوا اللى بيصبرنا عالواقع اللى بنعيشه وبيقدر يخلينا نكمل فى الطريق اللى ماشيين فيه مهما كان لأن اللى بيدفعنا للتكملة فى الطريق هوا الأمل والأمل لمن لا يعرف ( هوا أكثر المشاعر الإنسانية تهورا وجنونا وتفاؤلا فالأمل بيخليك تمشى فى الطريق المستحيل أو تتعب عشان حاجة مستحيلة فى حين إنك مستحيل تحققها وفى نفس الوقت هوا الشىء اللى بيخلينا نشتغل ونتعب عشان نحقق هدف بسيط ) والحلم الجميل هوا الحلم اللى بيرافقنا طول العمر يعنى مهما حاولت وبذلت من مجهود عمرك ما هتقدر تطرده من خيالك ولا من دماغك أبدا ... الحلم الجميل هوا كل حاجة حلوة نفسنا فيها ومش نستحقها وهوا كل حاجة حلوة نفسنا فيها ومش طايلينها وعارفين إنها مش لينا وهوا حته الشوكلاته اللى فى إيد عيل ماشى فى الشارع وإنته نفسك فيها ومش طايلها ولا حتى معاك مليم تشترى شوكلاته
الحلم الجميل هوا الوحيد اللى بنندم عليه لو مش إنتقل للواقع هوا اللى بنندم عليه لو حاولنا نتبع كلام الناس العاقلة أو كلام عقلنا ونسيناه بنرجع نندم عليه بشكل جنونى وبيجرحنا أوى وبيعلم جوانا أوى وخاصة إنه كان المهرب من أى ألم أو وجع فى حياتنا
ثانيا : الحلم الواقعى
الحلم الواقعى : واضح جد من إسمه إنه مرتبط بالواقع ودا بيكسر كلمة الحلم وبيخلق نوع من التناقض بين الإتنين أو بمعنى آخر بيخلى من المستحيل إجتماع الكلمتين سوا ... الحلم الواقعى هوا زى مثلا : لما البنت أهلها بيقولوا لها دا عريس كويس ولازم تتجوزيه او توافقى عليه أو إتخطبى له عالأقل وبكره هتحبيه أو هوا كلام العقل اللى بيبقى مر أوى على قلبنا وبيبقى مثالى بزيادة وراضى بالظروف ومش عايز يخرج عنها وعايز يفضل زى ما هوا أو بتعديل بسيط يبقى فى حياة مملة
الحلم الواقعى هوا قرار إننا نبعد عن شخص بنحبه لمجرد إنه مينفعش وكلمة مينفعش هنا سببها إن العلاقة فيها حاجة غلط أو شىء مش تمام أو إن الطرف التانى هيضيعنا أو إننا نحاول نبقى زى ما الناس بتشوفنا .... حكيت لكم حكاية جحا والناس ؟؟؟
طيب إسمعوها :
***
يقال إن جحا كان عنده حمار وقرر هوا وإبنه يروحوا مشوار ( حلو السجع دا ) المهم إنهم مشيوا فى الشارع جحا راكب الحمار وإبنه ماشى جنبه وهما ماشيين الناس شافتهم قالوا : شوف الراجل اللى معندوش قلب سايب إبنه يمشى وراكب هوا الحمار ومش قادر ولا راضى يركب إبنه .... قام جحا طبعا نزل من عالحمار وركب الواد ومشى يسحب الحمار .. وهما ماشيين فى ناس شافتهم وقالوا : شوف العيل السافل راكب الحمار وسايب إبوه ماشى تعبان فى الشمس والحر ... قام على الفور جحا ركب الحمار جنب إبنه وهما راكبين الحمار سوا فاتوا على ناس قاعدين فى الشارع قام الناس قالت : شوفوا العالم المفترية راكبين هما الإتنين الحمار فى الحر دا ومعندهمش أى إحساس بالحيوان المسكين ... قام جحا نزل هوا وإبنه وشالوا الحمار ...وهما شايلينه فاتوا على ناس قالت : شوف العالم المجنونة شاريين الحمار عشان يشيلوه هما
***
الخلاصة إن الناس دايما مش هيعجبها حالك سواء ماشى صح او غلط فى كل الأحوال إنته غلطان وإنته بتتصرف غلط ومش فاهم الحياة ومش عايز تبقى أحسن والسبب طبعا لأن الناس فاضية وفى نفس الوقت بتحكم عليك وعلى تصرفاتك بمثالية زايدة بحيث إن إنته عمرك ما هتعرف تتصرف بالمثالية الزايدة لأن حياتك هتتحول لجحيم فى اللحظة دى ... جرب الأول مش تسألنى ليه حياتى هتبقى جحيم
***
المهم فى الموضوع إن الحلم الواقعى دى عامل زى الولد المؤدب اللى بيسمع الكلام وبيشرب اللبن قبل ما ينام وبيروح يطاوع بابا وماما وبيمشى جنب الحيط عشان ميتعورش ... حياته مليانة مثالية أو واقعية لدرجة إنها مش حلوة وهوا مش طايقها يعنى إن إنته تشوف الكلام اللى بيتقالك وتسمعه وتلغى إختيارك وتنسى مشاعرك وتنسى إنك إنسان لازم هتغلط وهتستغفر وربنا هيسامحك وتحاول تعيش على طول على إنك ملاك أو على إن اللى فات مش مهم وإنك هتعرف تنسى وتكمل طريقك
الحلم الواقعى هوا الوجع المستمر من التخلى عن الحلم الحقيقى ... زى ما فى قصة الغصب المشروع بالظبط لما البطلة اتخلت عن البطل عشان كلام أهلها وعشان أقنعوها إن اللى هى فيه دا تفاهات وإن اللى هى فيه جنان وكذلك صاحباتها عملوا كدا وهى قامت بأخذ القرار ولحد اللحظة دى لسه بتعانى

الإنتظار بقى فى حالة الإختيار بين الحلم الواقعى والحلم الجميل لما تطلع برا الصندوق وتقعد تبص هتلاقى نفسك فى الحلم الجميل دا كنت عايش مبسوط ومستريح وحاسس إن حياتك لها معنى حتى وإن محققتش حلمك دا وفى الحلم الواقعى هتلاقى إن كل حاجة مملة وزفت وتزهق وبتوجع أوى حتى وإن كانت ظروفك ميه ميه ومتبع حلمك الواقعى بحذافيره وحتى وإن كانت كل حياتك ماشية فى سلام وأمان هتلاقى إنك برده زهقان وقرفان وحاسس إنك عايز تتخلص من كل حاجة حلوة ( اللى هى الواقع بتاعك ) وترميها فى الزبالة وتعيش بجنون لدرجة إن لو حد شافك فعلا هيقول عليك مجنون

الإنتظار دايما هوا الألم اللى مش بتقدر تسيطر عليه بأى مسكنات ولا بأى أدوية ولا بأى إحساس آخر وميقدرش عليه حد مهما كان لأنه دايما له ( نقطة إنكسار ) يعنى هتنكسر فى لحظة من اللحظات وتصرخ بإنك مش محتمل ... وتحاول تفوق بقى وتحدد فعلا إنته عايز إيه ومحتاج إيه بالظبط .. وترجع تدور على حلمك الجميل اللى ضيعته من إيدك لأنك ببساطة مآمنتش بيه بشكل كافى على الرغم من إحتياجك الرهيب له وعلى الرغم من عشقك له وعلى الرغم من إنك بتحب حياتك أوى أوى أوى حتى لو عايش على أمل إنك تحققه ومش عايشه هوا فعلا ... وترجع تندم فى لحظة بتكون فيها الفرصة ضاعت على إنك تحقق حلمك الجميل دا ومش بيكون إتبقى لك غير شوية حاجات بسيطة أوى وتافهة أوى بتفكرك بحلمك وتحاول تجمعها كلها فى كتاب أو فى ألبوم أو فى أى حاجة بحيث إنها تديك إحساس حلو كل ما تبص لها وتصبرك عالواقع اللى هتبقى مغموس فيه بنسبة مليون فى المية لأن خلاص بيكون الوقت فات على المسامحة وعلى القبول بالطرف التانى زى ما هوا وعلى إنك تشوف نفسك حلو وإنسان طيب من جوا ... لأنك بالفعل مبقتش طيب لما كسرت حلمك أو لما حاولت تتعدى على طبيعتك أو لما شفت الدنيا بعيون حد مش حاسس بيك وسيب اللى حاسس بيه بجد وهوا حلمك اللى مستخبى دايما فى كتاب أحلامك فى المرتبة الأولى ...

وعلى رأى المثل : ما هوا أحا لما تنسى حلمك قولى هتبقى مين ؟؟؟
وعلى رأى المثل : لو جابوا للمجنون ألف عقل على عقله ميعجبوش غير عقله ...

وبما إنى فاضى وموراييش حاجة لأنى طبيعى بكتئب فى الأعياد ومبحبش الأفراح ولا العزومات ولا اللمة لأنى إنسان وحيد بالفطرة والحاجة الوحيدة اللى بتهون عليا إنى ألاقى حد بيسأل عليا فلذلك هكون متفرغ بنسبة مليون فى المية فى الرد على أى تعليق جوا المدونة هنا وعلى أى بوست مهما كان ... فى إنتظاركم
شاب فقرى