الجمعة، 4 نوفمبر 2022

الجلسة ليست سرية

 كما تخيلتهم دوما سيجتمعون الليلة، في تلك اللحظات التي لا تتكرر في التاريخ  ، لا يحبون بعضهم ولا يحبون حتي الحديث الي بعضهم ومجرد تجمع شخصين في الضوء هوا بمثابة كارثة ونذير شؤم  اليوم سيحضر أولهم إلي الساحة ويباشر الحديث معي ، لا أدري من سيرسلون أولا لكني علي يقين بأنه أرقهم ، وأكثرهم خفة ولطافة وأقواهم بلا إستثناء ، أنا  أعلم يقينا أنهم لا يعلمون ذلك ولكنهم يقدرونه ويغمرونه بالعطف مهما إختلفوا يظل هذا الإبن المدلل لهم جميعا 

أجلس في الساحة بدون ضوء من أي نوع ينير لي وأنتظر ، أتحسس أجنحة الملاك علي ظهري فلا أجدها ، أعلم يقينا أن اليوم سيأتي ملاكي معهم ، أبتسم وتلمع دمعة في عيناي  في الظلمة الحالكة ، لابد أن اليوم مميز فالدموع اللامعة لا تأتي سوي في أوقات كتلك . أسمع وقع خطوات الطفل يجري مسرعا نحوي ، يناديني كما تعود دايما : عمو العبيط 

أبتسم وأنحني لأحتضنه عند قدومه وأعطيه ترحيبا يليق به ، هو الشخص الأجمل والأروع علي الإطلاق ، هذا الكيان الصغير يحمل كل أمنياتي كطفل وذكرياتي وآلامي ، حتي مسلسلاتي المفضلة و رائحة البيت يوم الجمعة و دفء البيت ليلة الخميس و الهواء العليل ساعة العصر ، هذا الكيان الصغير يحمل علي ضهره أيضا كل الندوب ، كل الجراح والآلام ، حتي الجراح المفتوحة حتي اليوم ، كل بقعة فيه تشكو الألم لكنه كما كنت دوما يبتسم ويضحك بصوت عال ويتحرك كما لو كان القناع 

تبا يا صغيري لكم أحببتك وتمنيت أن يكن لي طفل بروح مرحه مثلك وأنت مني وهو مني أيضا ، لكني آسفا لم أستطع ، لم يكتب لي الله حتي الآن ، أحتضنه وأبكي ، يمسح الدموع من علي وجنتي ليبتسم قائلا : " عمو انا بحبك متعيطش ، تيجي نلعب كورة ؟" ,  لا ادري  كيف يمكنني الرد ، الطفل الصغير ذي اصابع القدم الدامية وجلدها المهتريء يرغب في تسليتي حتي لو كلفه ذلك الكثير من الالم ، اربت علي كتفه وابتسم : حبيبي مينفعش عمو تعبان ، هما جايين امتي ؟ ،  يتحدث بثقة زائدة وكأنه للتو ربح مباراة شطرنج ويقول :" انا قلتلهم كلهم من ساعة ما انت ناديتلي ، انا مقدرش مجمعهمش في يوم زي دا ياعمو  "   ثم يتركني ويمضي 

ألتفت خلفي لأجد " الدكتور "  ، لا ينظر لي وهو يتحدث كالعادة ويقول : لماذا فعلت ذلك يا احمق ، كان عليك ان تستشيرني اولا ، هذا شيئا ليس ملكا لك ولا يحق لك التصرف فيه ، كلنا لنا في هذا مثلما قمنا جميعنا بمساعدتك من قبل بالترتيب فاليوم كل ما عليك هو الا تفعل شيئا مثل ذلك دون عونا منا 

احاول الرد او مقاطعته ولكن بلا جدوي سيستمر في الحديث ويحذف حديثي من سياق المحادثة وسيقول الاكثر حكمة  كما اعتدت منه ، يكمل حديثه : : المفروض ان الموضوع دا كان يعدي عليا الاول ، انت ليه بتتصرف لوحدك ، انا معنديش مشكلة غير في موضوع الملكية دا ، يعني ايه تبيع حاجة متخصكش ، اديك اتسببت في تجمعنا والعيل الصغير دا هيلعب بينا كلنا النهارده ومحدش هيقدر يقول رايه زي ما يحب ، انت كدا هتتطرف ، هتشجع اقصي اليمين او اقصي اليسار وانت اللي هتبقي غبي في الاخر ، عشان دا مبيعرفش يفكر 

يمر الطفل الصغير بجانب الدكتور وهوا يسير في الساحة جيئة وذهابا ، يقلد مشيته ، يصرخ : عمو شفت طنط جابتلي شريط اغاني وسمعتهولي 

يبتسم الدكتور وتعلو ملامح وجهه الخوف ، يدرك جيدا ان الذي يتحدث عنه الطفل ذكري مؤلمة ، لكنه لا يستطيع التعبير او الخوض ، يستمر الطفل في الحديث ، عمو والله انا ساعتي حلوة شوف دي حتي من عمو اشرف لما كان مسافر ، هتعجبك اوي ب.

يتسمر الدكتور مكانه لا يعرف اين يذهب و في اي اتجاه يتحرك ، كان واضحا من الطفل انه يعاقبه بطريقته الخاصة لانه جرحني في الحديث ، ويدرك انه ما كان ينبغي له فعل هذا باي حال من الاحوال ،  يجلس علي ارض الساحة ويخرج من جيبه تميمة تذكره بذكري خاصة من ويجلس يحدق فيها ، لطالما كان احمقا كذلك ، يعرف كيف يتصرف ويبدع ولكنه ينسي دوما انه عليه ان يتحرك مبكرا وفي اسرع وقت وليس عليه دوما الانتظار  ،  ولكنه لطالما كان احمقا يختار دوما الاختيار الاكثر امانا ويحاول الا يجرحني بان يتحمل عني الم الحاضر ، انسان عظيم لكنه لا يستحق القيادة ولذلك كان عليه ان يتنحي ، فالتحمل ليس دوما مفتاح الحل ، ليس من حق اي شخص ان يجرحني لاي سبب ،وليس علي ان اتحمل حتي ينحل جسدي وتتكسر كل عظامي ، ليس حلا هذا ما انا متأكد منه 

صوت ضحكة ساخرة يعلو واره ياتي من خلفي ، يعشق الدراما ويعشق الطريقة التي يقدم بها نفسه دوما ، ذلك الشخص الماكر ، لطالما خفت منه ، في كل مره يجلس في دائرة الضوء أضاجع فتاة جديدة ، لم يدخل في دائرة الضوة أبدا الا وجلب معه فتاة جديدة احيانا  للمعاشرة واحيانا اخري لاسباب اخري مثل  البوح واللهو والمرح ، تبا لطالما كان مستشار ابليس الفتي المدلل، سيبدأ حديثه الان 

" انا ميخصنيش وميفرقش معايا اساسا اللي انت عملته وموضوع نقل الملكية بالنسبة لي وش وكلام فاضي من امتي يا حبيبي واحنا بيفرق معانا اللي نقلت ملكيته ، انت عامل بالظبط زي واحد جاي يقول لعصفور بيطير وبيلف الكون كله ان في اتنين متر فالارض اتباعوا ، ما في داهيه يا حبيبي ، انا عصفور لكن في شيء واحد بس مستحيل اسامحك فيه ، هوا انك حطيت حدود ، من امتي انا بتمنع بقانون ، من امتي اساسا بتحكم عليا ؟ انت مين يازفت عشان تتحكم فيا ، كل حاجة منحتهالك وجاي تقيدني بحدود ، سواء بقي لطيبة او لحق او لتعاطف ، يعني ايه الهبل دا ، انت نسيت ؟ تحب افكرك بيها ؟ تحب افكرك بمين ولا مين ؟ اول  مره حطيتلي حدود ؟ميم ميم ميم  ؟ ستاشر سنة مش حاجة تنسيك  ابدا اللي عملته لما حطيتلي حدود ، فاكر ولا  الزمن مسح ، لو الزمن مسح فانا مش ناسي ،  مش ناسي اللي حصل ساعتها بعد سنتين لما اتقابلتوا  ، انا فاكر الميعاد الرومانسي الجميل بدون موبايلات بدون اي حاجة ، انا هبقي في نفس المكان ونفس الزمان بكره ، بجد كل ما بفتكر رومانسيتك دي بتخليني افكر في انك يا اهبل يا اهبل ، فاكر اليوم دا ، فاكر كتب الشعر ؟ طيب بلاش كدا ، فاكر بقي الاجندة ؟ مش عايز ادخل في تفاصيل بس مفيش داعي ، فاكر طيب السنين اللي بعدها ؟ اي مرة وضعتلي فيها حدود محصلش اي حاجة غير ضرر ليك ، من امتي   

مجرد الحكي بيتعب اعصابي منك ، بس عالعموم اجتماع النهارده مش مسموحلك تحطلي حدود تاني ، انا مش تحت امرك ، تعبد زي ما تحب بس متحبسنيش ، في الاخر انت اللي بتخسر ، ارجوك ملكش دعوة بيا

يندفع الطفل الصغير تجاه المستشار باكيا ويحادثه : انا وشي واجعني ولسه معلم من الارضية ، وشي واجعني اوي ياعمو ،

ينحني المستشار ويحتضن الطفل ويبكي بحرقة ، يشعر بآلام الوجه واضحة علي وجهه ايضا ، يتحسس اثر الحذاء علي جبهته ، لا يتحمل الالم ويصرخ بعنف ويحتضن الصبح وينهار باكيا ، لا يوجد شيء في الحياة يمكن يدمره مثل هذا الطفل ، تبا واللعنة ، هذه الحياة ليست عادلة ، ذلك الطفل الصغير يحمل كل آلامنا ومازال يضحك ويمرح ، كيف لنا الا نتحمل الامنا وكل منا يحمل وجعه ويسير ؟ لماذا لا احمل كل شيء وحدي ؟ لماذا علي ان استعين بهم ؟ ليس الموضوع قوة فقط ولكن لا اريد ان اكون وحيدا ، احيانا عليك ان تجزأ نفسك لقطعا صغيرة ، وتحاول جاهدا ان تحيا ، فبعض الآلام أقسي من أن يتحملها شخصا واحدا

ياتي من بعيد وعلي وجهه ابتسامة ، ديكس ، الحالم ، صاحب الاحلام والامنيات ، يبتسم في وجهي ويباشر الحديث ولا ينظر الي الاخرين : انا بجد مقدر اللي عملته بس الموضوع بسيط ياعزيزي والله ، الامر تافه وميستاهلش حتي نتجمع سوا ، ، ليه دا كله ، سيبولي الموضوع ، هلغي الملكية في لحظة وكل حاجة هترجع لمكانها ، انا مش متضرر والله بالعكس دي نقطة قوتي ، مش عارف ليه تجيب الزفت دا والزفت دا ، سيبلي الموضوع ، انا طول الوقت اللي كنت بتحرك وبنقذك ، من امتي وانا خذلتك .

" عمو عمو انا نفسي في حضن " 

يتذخل الطفل الصغير كالعادة ويخاطب ديكس ، ديكس لا يتحمل تلك الذكري ، منذ فترة قرر ديكس الذهاب في طريق لا عودة منه وذلك بناء علي رغبة الطفل وامنياته ، الحضن ، ديكس للاسف تم منعه من قبلي فلا استطيع ابدا ان اترك ديكس يفعل شيئا كهذا ،  ، تري ما المفترض علي ان افعل ، ساتركهما سويا  واترك ديكس يبكي قبل ان يحتضن الطفل " لن استطيع ان احلم بجنة لا وجود لها ياصغيري " يبكي الصغير ، يصرخ ، عايز حضن ياعمو ، جعان والله ، ارجوك ياعمو 

للمرة الاولي منذ لقائي بديكس اري ديكس يبتسم بعد بكاء ،  ربما لديه املا ما ، ربنا يرتب تلك الامور مع المستشار لا ادري لكني علي ثقة ان ديكس يخطط لشيء ما ،  لكن ليس موضوعنا الان ، ديكس والمستشار دوما لديهم تلك العادات في التطيط سويا ، الحالم والفاسد ، ميكس جميل 

يحضر الملاك باجنحته البراقة ويحتضن الطفل ويخاطبني : متنساش ان جناحاتي كانت بتديك المخرج كل يوم وانها السر انك عايش لحد دلوقتي ، هترجعلك تاني وهتطير كل ليلة وهتوصل للبيت اللي بتفكر فيه في مصر وهتطوف زي كل مره فوق البيت قبل ما تقعد علي الشباك تراقبها في هدوء ، وعد مني هيحصل 

الطفل يخاطب الملاك : شكرا ياعمو 

الاخرون يحضرون زمرة واحدة 

كلهم يحملون نفس الابتسامة الغاضبة ، تظهر من العدم طاولة الاجتماعات ، الطفل يجلس بين احضاني بهدوء ويبتسم ، كلهم يحبونه ، كيف له الا يكون سعيدا اليوم ، 

يدور النقاش ويستمر ساعات 

طوال الأشهر الماضية كان النقاش دائرا بينهم وبين من يحصل علي الضوء ، اليوم يتحدث الجميع المحارب والمريض والدكتور والمستشار و السيد والتر وتاك و حتي ريك كلهم يتحدثون اليوم 

اليوم هو يوم الخلاص ، هكذا كان الوعد ، 

اليوم هوا اليوم الذي لا فرار فيه من الحقيقة 

هكذا هو الواقع ،  

الملكية تعود للمالك الاصلي  ويتم استرداد الأصل و إلغاء كافة العلامات ، ويتم الغاء كل الاشياء التي تسبب الخسارة ويتم حرق  كل الاشياء التي لا تمنح الا بالاستحقاق  ، ويعود للضوء السيد ميم من جديد وعلي السيد ميم والسيد ميم فقط تحديد من يناوبه في الضوء ويشاركه النور ، وعلي بقية السادة تنفيذ وعود الاخلاء والعودة لنقاط القوة كاملة  وواجب علي الجميع تحقيق كل النقاط التي سيقررها السيد ميم ، 

وعلي السادة هكذا كان قرارهم 

هكذا هي النهاية كما تم تقريرها 

رفعت جلسة اليوم 

تاريخ ٣.١١.٢٢

بس لحظة ، هوا مين السيد ميم ؟ 

النهارده كانت الجلسة سريعة والحمد لله  مخدتش وقت  وساعات زي ما كتبت ولاسباب كتير ، اولا ان مفيش طريق وثانيا ان كريم عمل كل حاجة 

الجلسة استنرت اقل من ساعة بس عشان التفكير اسرع من الضوء  

وغير كدا انا الحمد لله لاول لحظة من سنين في النور 

رررررررررررر 

ميم 

والحمد لله الخط واضح